فوائد الصلاة ومنافعها
الحمد لله الذي هدانا للإسلام وأبان لنا الشرائع والأحكام . . .
أما بعد : فاتقوا الله واعلموا عباد الله أن الله عز وجل شرع لنا أحكام الدين وأبان لنا سبيل المهتدين ليتم علينا نعمه في الدنيا والآخرة أوضح لنا ما يقربنا إليه وأبان لنا سبيل الوصول إلى مرضاته وإلى جنته ألا وإن من أفضل العبادات التي أمرنا الله بها بعد توحيده هي هذه العبادة العظيمة هي هذه الصلاة التي هي صلة بين العبد وربه صلة بين العبد ودينه مادام قائما بها فهو مسلم لأنه أقام عماد الدين وأتى بركنه العظيم وبالمحافظة عليها خالف أصحاب الجحيم وسلك طريق عباد الله المؤمنين . إن الأدلة على وجوبها وعلى فضلها وعلى علو مرتبتها في الدين معلوم ولله الحمد بالضرورة من دين الإسلام عند كل مسلم وإنما الغرض هنا بيان شيء مما اشتملت عليه من الفضائل والمصالح الدينية والدنيوية ومن المنافع العقلية والبدنية ومن الفوائد الروحية والمادية : إن هذه العبادة يحصل فيها الخضوع والذل لله وحده وامتلاء القلب من الإيمان به وتعظيمه وذلك مادة سعادة القلب الأبدية ونعيمه الدائم ولا يمكن تغذيته بمثل الصلاة ، إن الصلاة هي غذاء وسقي لشجرة الإيمان فهي تثبت الإيمان وتنميه وتنمي ما يثمره الإيمان من فعل الخير والرغبة فيه ، وكذلك تنهى عن الشر وأسبابه يقول سبحانه {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر } العنكبوت . فأخبر أن فيها الغذاء بذكر الله والشفاء بنهيها عن الفحشاء والمنكر وأي شيء أعظم من هذا وأجل وأكمل إن من فضائلها أنها أكبر عون للعبد على مصالح دينه ودنياه وتسهيل أموره وتيسيرها يقول سبحانه {واستعينوا بالصبر والصلاة } البقرة . أي على كل الأمور أما عونها على المصالح الدينية فإن العبد إذا داوم على الصلاة وحافظ عليها قويت رغبته في فعل الخيرات وسهلت عليه الطاعات وبذل الإحسان بطمأنينة نفس واحتساب ورجاء للثواب ، وهي تذهب أو تضعف داعيته للمعصية وهذا أمر محسوس مشاهد فإنك لا تجد محافظا على الصلاة فروضها ونوافلها إلا وجدت تأثير ذلك في بقية أعماله ولهذا كانت الصلاة عنوانا على الفلاح كما قال سبحانه {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر } التوبة . والمراد بالآية عمارتها بالصلاة والطاعات والقربات وقد قال e ( إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان ) فإن الله يقول {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله و اليوم الآخر } أما عونها على المصالح الدنيوية فإنها تهون المشاق وتسلي عن المصائب ويجازي الله صاحبها بتيسير أموره ويبارك له في ماله وأعماله وجميع ما يتصل به ويباشره ومن فضائل الصلاة أن من أكملها وأتقنها فقد فاز وسعد في آخرته كما في حديث أبي هريرة الذي رواه أهل السنن ( أول ما يحاسب عند العبد صلاته فإن كان قد أتمها فقد أفلح وأنجح ) ، وإن من فوائدها خمس خصال هي خير من الدنيا وما عليها تكميل الإسلام الذي لا يتم إلا بها وهي من أكبر أركانه وتكفير السيئات وزيادة الحسنات ورفعة الدرجات وزيادة القرب من رب السموات وزيادة الإيمان في القلب ونوره وإن من فوائدها ما شرعه الله للصلوات الخمس والجمعة والعيد من هذا الاجتماع الذي يحصل بسببه التنافس في الخيرات والتنشيط عليها والتعلم والتعليم لأحكامها فإن العالم ينبه الجاهل والجاهل يتعلم بالقول والفعل من العالم ويقتدي الناس بعضهم ببعض ولما يحصل في هذا الإجتماع من التواصل والتواد بين المسلمين وعدم التقاطع وما في ذلك من معرفة حال المصلين من المحافظين منهم والمتهاونين ومضاعفة الأجر بهذا الإجتماع وكثرة الخطا إلى المساجد وما يتبع ذلك من نوافل الصلاة والذكر وتلاوة القرآن والتعلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر