انمار ربابعه
عدد الرسائل : 85 العمر : 33 الموقع : الاردن العمل/الترفيه : بكالوريس// اصول الدين // جامعة اليرموك المزاج : السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 29/09/2010
بطاقة الشخصية الربابعة: 50
| موضوع: الاسلام والحياه الإثنين يونيو 06, 2011 1:19 pm | |
| إن من سنن الله تعالى الاختيار والاصطفاء ، كما خلق سبع سماوات ، واصطفى السماء العليا بالعرش الكريم ، وخلق بنى ادم ، واصطفى منهم الأنبياء والرسل (صلى الله وسلم عليهم أجمعين) وهكذا اقتضت حكمة الله تعالى حينما اختار للأرض أخر رسالات السماء وأعظمها قدرا فاختار لها سيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم ) ، واختاره من أعظم بقاع الأرض ، وأشرفها نسبا ، وأفضلها استعدادا لهذه المهمة العظيمة ، وهى نشر رسالة الله في الأرض بين الناس قولا وفعلا ، وقد ثبت لنا في الماضي والحاضر حسن اختيار الله تعالى الحكيم العليم ، فقد نشر الصحابة الكرام ومن بعدهم التابعين دين الله في الأرض ، وامتدت رقعة الإسلام من بلاد فارس في أقصى الشرق إلى بلاد الأندلس في أقصى الغرب ومن حدود روسيا إلى أواسط إفريقيا خلال حوالي ما يزيد قليلا على مائة عام ،حيث ظهرت الأخلاق الكريمة والحضارة العظيمة ، التي بهرت الإنسانية ولا زالت إلى الآن ، ولقد ذكرنا في المقالات السابقة شيئا بسيطا من صفات العرب الأوائل المحمودة ، وعاداتهم الحسنة التي أهلتهم للقيام بهذه المهمة العظيمة ، حيث مدحهم الله تعالى فقال : (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) فان هذا الدين يقوم بصفات النبل والفروسية وروح الجماعة والتضحية وغيرها من الصفات النبيلة ، ولقد رأينا فيهم مثلا احترام القائد والرئيس والشيخ؛ فشيخ القبيلة مطاع مكرم مقدم على النفس؛ وهذا مما يحمد في انضباط حركة الجموع الغفيرة والسرايا في الدعوة لدين الله ، واتصفوا أيضا باحترامهم للصفات الحميدة في الرجال ؛ والفخر بها ؛ والانتساب إليها ؛ وهذا من مكارم الأخلاق في كل زمان وتميزوا بروح ما يسمى اليوم بالديمقراطية ،فكان لهم مجلسا للشورى يجمع زعماء العشائر والبطون؛ فما كان رئيسهم ينفرد بالرأي دون مشورتهم؛ وهكذا جاء الإسلام بالمشورة بين أصحاب الرأي والحل والعقد؛ كما قال الله تعالى : (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) ورأينا حبهم وحرصهم على الجماعة للائتلاف وتكوين الأحلاف؛ وإن كانت في أول الأمر للقبيلة؛ ثم صححها الإسلام؛ فصارت لله وللرسول ولدينه الكريم وحدث ولا حرج عن فصاحتهم وقوة ذاكرتهم الحافظة؛ وهذا مما يريده هذا الدين من حفظ للعلوم ونشرها بين الناس؛ وقد ظهرت بركاته بعد ذلك في ظهور البخاري ومسلم وأمثالهما؛ وأخرجت الأمة للناس علم الرجال؛ والجرح والتعديل؛ وانفردوا به بين الأمم . وكان فيهم احترام لبيت الله الحرام (الكعبة ) وكانوا يعظمونها بشكل خاص حتى مع وجود الأصنام داخلها وخارجها؛ فلم ينسوا أنها بيت الله؛ وهذا لا شك أسهل كثيراً من اختيار أمة لم تألف هذا الأمر ولا تعرفه . حيث كان فيهم بقية من دين إبراهيم ( عليه السلام ) من حج وعمرة ؛ واغتسال من الجنابة ؛ واستعمال السواك؛ والمضمضة؛ والاستنشاق؛ والاستنجاء؛ ونتف الإبط؛ وذلك من الفطرة السليمة؛ وقطع يد السارق؛ وتحريم نكاح المحارم ... وغيره؛ مما يقربهم من مراد دين الله منهم , هذا مع قلة اختلاطهم بزينة الدنيا وبهرجتها كفارس والروم؛ وهذا أقرب للتقوى .
وكذلك قلة تأثرهم بالديانات السماوية القديمة التي كانت تجاورهم مما جعل قلوبهم أسهل في فهم هذه العقيدة الواضحة بعيداً عن التعقيدات والخرافات والأساطير الصعبة؛ فكانت طبائعهم أشبه ما تكون بالمادة الخام التي لم تنصهر بعد في أي بوتقة يتحولون فيها عن الفطرة الإنسانية السليمة.(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) واختار الله سبحانه وتعالى ذلك المكان لما سبق ذكره؛ ولأنه كذلك حلقة وسيطة بين حضارتين جانحتين؛ أحداهما حضارة الغرب المادية التي قدمت إنساناً أقرب إلى الحيوانية؛ وأخرى روحية خيالية في أقصى الشرق مليئة بالخرافات . فهل يا ترى قد غابت عن الناس في هذه الأيام تلك الحكمة البالغة في حسن اختيار الله تعالى للمكان والزمان ، ولأولئك الرجال الذين استحقوا هذا الشرف عن جدارة ، وخرج من أصلابهم هؤلاء العمالقة أمثال أبو بكر وعمر وطلحة والزبير والشافعي ومالك والبخاري ومسلم ، وقد ملأوا الدنيا حكمة وشرفا واثبتوا جدارة أن تسجد الملائكة لهم ولأمثالهم من صالحي البشر أتباع الأنبياء والمرسلين في صلب أبيهم ادم تكريما وتعظيما لاختيار الله لهذا الإنسان ، ليكون خليفة الله في أرضه يرفع فيها كلمة الحق والدين ، ويستحق جوار الرحمن في جنة الخلد ، ولنا أن شاء الله ذلك الوعد إذا أحسنا إتباعهم حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ) .
| |
|