إن للإعلام الإسلامي الأصيل دور بارز ومهم على الساحة العالمية، وأصبح وجوده ضرورة لنشر الدعوة والارتقاء بالأمة الإسلامية إلى مصاف الحضارات العظمى، فهو ليس إعلامًا عاديًا بل هو صاحب رسالة سامية وهدفه الرئيس هو الدعوة إلى الله من خلال آلياته المتعددة، كما أنه ليس مجرد ناقل للأحداث أو الأفكار من هنا وهناك، وما من شك أن تأثيره يجب أن يكون فعالاً، ويصل إلى القلوب بسهولة وسلاسة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بدعوة غير المسلمين في أنحاء العالم.
ومع ذلك فقد تكوَّنت لدى العالم صورة سلبية حول الإسلام والمسلمين، الأمر الذي يشير إلى وجود تهاون كبير وتفريط عظيم من قِبَل المسلمين، مما أتاح الفرصة للغربيين بنشر معلومات ومفاهيم مغلوطة عن الإسلام والمسلمين في العالم، حتى أصبح الإسلام دين العنف والقتل والسلب، وأصبحت كلمة "مسلم" تعني إرهابيًّا.
وعلى الرغم من تلك الاتهامات والمفاهيم المغلوطة التي تكال للإسلام والمسلمين، ورغم انتشار مفهوم "الإسلاموفوبيا" في الغرب، إلا أننا نجد المسلمين – الآن – ما زالوا عاجزين عن نشر مفاهيم الإسلام الصحيحة في العالم.
كما أن الإعلام الإسلامي – للأسف – له دور كبير في استفحال تلك الصورة المغلوطة عن الإسلام والمسلمين، لأنه إعلام ضعيف وسطحي، لا يهتم إلا بالقشور والاختلافات الفرعية والانقسامات المذهبية، مبتعدًا عن أصول العقيدة والتوعية الصحيحة، وتراه منقسما على نفسه – إلا ما رحم ربي – يخاطب فئةً معينة من المسلمين مهاجمًا الأخرى، مؤكدًا أنه على حق وغيره على باطل.
أما في خطابه للغرب، فيعجز الإعلام الإسلامي عن مخاطبته باللغة التي يفهمها، ومن هنا يجب على الإعلام الإسلامي مخاطبة الغرب بلغته، وأن يفهم حقيقة هذا الأمر تمامًا، علمًا بأن الدعوة إلى الله دعوة إلى الحق والخير والفضيلة، وهي واجبة على كل مسلم ومسلمة.
ومن هذا المنطلق، وجب على الإعلام الإسلامي – المقروء والمسموع والمرئي والالكتروني – أن يلتزم بعدة أمور من شأنها أن ترفع من مستوى خطابه للغرب، وتطوير أساليب الدعوة، حيث إن دعوة غير المسلمين أحد أولويات العمل الإسلامي المؤسسي، مستندًا إلى المبدأ الأساسي للدعوة والمتمثل في قوله تعالى: {{ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }} (النحل:125).
ومن أهم تلك الأمور في دعوة غير العرب عدم الانسياق في الدعوة إلى الإسلام بصورة انفعالية وعاطفية، دون مراعاة الظروف السياسية والاقتصادية والثقافية والبيئية للفئة المستهدفة – الأعاجم من غير المسلمين – ودون الاهتمام بدراسة الواقع الذي يعيشون فيه بشكل معمق.
كما ينبغي على القائمين على الإعلام الإسلامي مراعاة أن يكون متواكبًا و متداخلاً مع الحركة الفقهية المتجددة، التي تعالج مشكلات العصر، وفقًا لثوابت ديننا من القرآن والسنة، بالإضافة إلى مراعاة سلاسة اللغة وتبسيط المفاهيم لجذب المتلقي وتقريبه إلى الإسلام بأسلوب عذب رقيق جذاب.
ورغم ما للإعلام الإسلامي من أهمية وبُعد تأثير على المتلقي، إلا أنه يؤخذ عليه أنه يهمل النواحي الفنية والتقنية، رغم أن الإسلام لا يفصل العرض عن الجوهر ولا الشكل عن المضمون، فالمضامين الجيدة تجذب العقول والقلوب وذكرى لأولي الألباب، أما الأشكال الحسنة فتجذب العيون تسر الناظرين، ورغم أن مضمون الدعوة الإسلامية هو مضمون عظيم، فإن هذا لا يعني تقديمه في غلاف سيء اعتمادًا على عظمة مضمونه، فاحترام المضمون لابد أن ينعكس في طريقة وأسلوب العرض.
ومميزات الإعلام الإسلامي كثيرة وعظيمة، إذا تم تفعيلها والعمل بها، أصبح هذا الإعلام في المقدمة، فهمُّه الأول الدعوة إلى الله، وهدفه نشر الإسلام في الأرض، فهو عندما يخاطب الآخر – غير المسلم – يخاطبه باللين والحسنى وباللغة التي يفهمها، مما يساعد في تقريبه وانجذابه إلى الإسلام ويدفعه إلى البحث بعمق حول هذا الدين، ومن ثَمَّ اعتناقه، وهكذا يكون الإعلام الإسلامي قد خرج من دائرة المذهبية والقطرية إلى العالمية لتحقيق الهدف الأسمى والغاية العظمى ألا وهي نشر الإسلام في ربوع الأرض وتعبيد الناس لرب العالمين.