الطيور المهاجرة لها ذكريات جميلة مرتبطة بطفولة معظم الناس في دوله الكويت في السابق، وقد كان صيد الطيور المهاجرة هواية ومهنة محببة عند معظم الناس. وقد بدأت تندثر هذه الهواية مع مرور الزمن و كادت تنسى إلا عند البعض من يهوى الصيد بالطرق الحديثة.
يوجد لهذه الطيور أسماء محليه جميلة مرتبطة بسلوكياتها أو بألوانها، ولكن مع مرور الزمن و التقدم الحضاري نسيت هذه الأسماء إلا عند القليل من المهتمين حتى أن أبناء الجيل الحالي لا يعرفون هذه الطيور و أسماءها المحلية ولا التمييز بينها.
من منطلق حبي واهتمامي بالطيور بدأت منذ فتره طويلة ابحث في سلوكياتها و أنواعها بالقراءة و البحث ميدانيا و مكتبيا فوجدت إن علم الطيور مليء بالأسرار الدقيقة و هذا من عظمة الخالق سبحانه و تعالى.
و لتوثيق هذه الطيور يحتم على الباحث إيجاد صور لهذه الطيور بواسطة التصوير الفوتوغرافي أو بالرسم، و نلاحظ إن معظم المراجع اعتمدت على رسامين مهره لتصوير هذه الطيور .
ويعتبر الخليج العربي أحد المسالك الهامة ف طريق الهجرة لكثير من الطيور القادمة من أواسط أسيا وشرق أوربا وسيبيريا إلى أفريقيا و باكستان والهند. و لموقع دولة الكويت أهمية من خطوط الهجرة فهي تقع في شمال غرب الخليج العربي وهي عند مفترق مسلكين هامين جدا من مسالك الطيور المهاجرة فتعبر على دولة الكويت أعداد و أنواع كثيرة من الطيور في الربيع وتقل عنها في فصل الخريف وسبب هذه الظاهرة هو إن بعض هذه الأنواع يسلك في الربيع طريقا مخالفا لطرق الهجرة في الخريف .
وأحد مسالك الهجرة في دولة الكويت يبدأ من شرق أوربا ليمر بتركيا و سوريا و العراق ثم يتجه شرقا إلى باكستان والهند، ويبدأ المسلك الثاني من أواسط وجنوب روسيا ويتجه بمحاذاة الجانب الغربي من جبال زاجروس وينتهي في جنوب شبه الجزيرة العربية أو شرق ووسط أفريقيا.
وتتفادى الطيور المهاجرة في هجرتها المرور فوق الجبال العالية أو عبور المسطحات المائية الشاسعة وهذا ما يفسر عبور الطيور المهاجرة فوق الكويت لموقع دولة الكويت في الزاوية الشمالية الشرقية للجزيرة العربية.
وكذلك يلاحظ انه تزداد أعداد الطيور المهاجرة في بعض السنوات و تقل عنها في سنوات أخرى وسبب هذه الظاهرة أنه إذا كان الشتاء شديد البرودة في مواطنها الأصلية فانه يجبر الطيور الأكثر تحملا للبرد إلى الهجرة جنوبا، و كذلك إذا كان الشتاء غير ممطر في الجزيرة العربية زاد من توقف الطيور في دوله الكويت لتوفر الماء بصوره مستمرة على مدار السنة.
و تصنف طيور الكويت من طيور منطقه القطبشمالية الغربية ( Western palearctic) و موقع دولة الكويت من هذه المنطقة حافة الزاوية الجنوبية الشرقية منها.
ويقدر عدد أنواع الطيور التي تمر على دوله الكويت بأكثر من ثلاثمائة نوع من الطيور أغلبها تحط رحالها في دولة الكويت و هناك عدد قليل من الطيور التي لا تتوقف بل تفضل إكمال رحلتها و أغلبها من الجوارح.
وتعتمد الطيور المهاجرة في تحديد اتجاهاتها على النجوم إذا كان طيرانها ليلا و على الشمس والمجال المغناطيسي إذا كان طيرانها نهارا.
وإن الدقة مطلب أساسي في تحديد الاتجاه لكل طائر فان أقل درجه من الخطأ في تحديد الاتجاه يعني ذلك الهلاك و الموت للطائر.
و تقطع الطيور المهاجرة مسافات كبيرة تقدر بأكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر و أحيانا بدون توقف لبعض أنواع الطيور لعدد أيام معتمدة في طيرانها على مخزونها الدهني.
وتعتبر دولة الكويت كما هو لدول الخليج العربي محطات توقف لأنواع كثيرة وعديدة من هذه الطيور المهاجرة لتستعيد قواها و تتغذى فيها لتعيد تكوين مخزونها الدهني من جديد الذي هو وقودها للطيران.
ولأن مناخ دولة الكويت شديد الحرارة صيفاً فتصل درجة الحرارة أحيانا في المناطق المفتوحة إلى أكثر من خمسين درجه مئوية في منتصف النهار، فانه كان في السابق يصعب على الطيور أن تقيم في الكويت على مدار السنة حتى أن طائر عصفور المساكن (house sparrow) كان يقضي فتره الصيف الحار في مناطق قريبه من دوله الكويت يكثر فيها النخيل و الزرع و الماء في فتره بداية الستينات وما قبلها حتى أن الناس كانت تبشر بقدوم أسرابها إلي الكويت لان في ذلك مؤشر على انتهاء فتره الصيف الحار (دلوق نجم سهيل) ولكن في الفترة الحالية بدأنا نلاحظ إن هناك طيور تقيم على مدار السنة و خاصة في فتره الصيف الحار وهذا بسبب انتشار الرقعة الخضراء في دوله الكويت و توفر الماء لهذه الطيور على مدار السنة وكذلك لان هذه الطيور من الأنواع التي تتكيف مع المناخ الحار ومن أمثلتها:
1)طائر الدرج (Cream-coloured Courser ) الذي يستوطن دوله الكويت و يعشش فيها وأعداده في تكاثر بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. وقد وسع هذا الطائر انتشاره في شبه الجزيرة العربية في الآونة الأخيرة كطائر مفرخ بعد إن أخلى مواقع تفريخه في إيران و شمال العراق و سوريا و الأردن بشكل جزئي.
(2) الزقزاق الانجليزى (kentish Plover) يشاهد هذا الطائر بكثرة على السواحل وأحيان كثيرة في الداخل حيث توجد برك الماء والمستنقعات. وهو يعشش في الكويت ويلاحظ طوال أيام السنة وقد ذكر في أحد المراجع العلمية إن أعداده في الكويت تقدر من خمسين إلى مئة زوج وهى في تناقص بشكل خفيف منذ منتصف 1970 ولكن أعتقد أنه من خلال المشاهدة في السنين الأخيرة فقد بدأ يوسع انتشاره على السواحل الكويتية وإنه من السهل مشاهدته، ولهذا الطائر سلوك غريب فعند الاقتراب من أماكن تعشيشه حيث يبدأ هذا الطائر بالابتعاد عن عشه بسرعة والتظاهر بحركات تدل على انه جريح ليبعد أي كائن يحاول الاقتراب من عشه، ولصغار هذا الطائر قدرة كبيرة على التخفي والتمويه.
(3) الهازجة الرشيقة (Graceful Warbler) هذا الطائر استوطن أراضي دولة الكويت فى السنين الأخيرة وهو طائر صغير جدا له صوت عالٍ مسموع من بعيد حيث يمكن الاستدلال على وجوده من صوته العالي المستمر وكذلك لهذا الطائر تغريد جميل.
وهذا الطائر يكثر وجوده في النصف الشمالي لدولة الكويت حيث الأماكن التي يوجد فيها برك المياه ونبات القصب، وقد سجل أول تفريخ له في سنة 1990م، ومن الملاحظ إن أعداده في تكاثر مستمر.
(4) دجاج الماء (Moorhen) هذا الطائر أنتشر بتوسع بين نبات القصب الموجود في برك محميات الجهراء والأماكن القريبة منها في السنين الأخيرة، وحجمه قريب من حجم البطة الصغيرة تقريبا وهو سريع الفزع عند الاقتراب منه فيختفي بسرعة بين نبات القصب، وهو مقيم ومعشش في دولة الكويت ويشاهد معظم أيام السنة وقد قدرت أعداده من مئة إلى مئة و خمسون زوج وهى في ازدياد مستمر