والرأي لدينا أن الإعلام لن يقوم بدوره في صنع الوعي الثقافي إلا إذا كانت برامجه ذات هدف واضح ممكنة التحقق، ومعبرة عن واقع المجتمع وطموحاته في التغيير والتطوير وترشيد الإمكانات المتاحة لاجتياز مرحلة من مراحل التطور، هذا لأن الإعلام يرتبط بكل الخصائص التربوية المعنوية منها والسلوكية مثل العقيدة الدينية والتقاليد في التراث التاريخي والقيمي، والأمن القومي.. وغيرها من خصائص هي بمثابة القوة الدافعة التي تساعد على إيجاد العلاقة الضرورية واللازمة بين العناصر المختلفة للنظام الإعلامي تلازماً مع الواقع الثقافي المعاصر الذي يسوقنا للقول إن قضية الإعلام التربوي قضية وطنية في المحل الأول تتعدى الأفراد والاتجاهات المذهبية الفكرية واختلافاتها.
والإعلام التربوي الذي نشير إليه هو المسؤول -مع المؤسسة التعليمية- في تشكيل الوعي ودعم الإرادة وتوجيه الفكر.
من هذا المنطق يستقر لدى الرأي العام والضمير الوطني أن الإعلام مسؤول عن تحويل الوعي إلى سلوك يساهم في تحقيق استقرار المجتمع واستقراره وتوجيهه لتجاوز الصعوبات التي تعترض طريقه وتعيق التنموي الشامل والمستدام.
إن الإعلام التربوي له دور كبير في التأكيد على هوية المجتمع الذاتية وأصالته الثقافية، وقيمه الحضارية ومساره التاريخي وعقيدته السياسية التي تنظم وتحرك قوى المجتمع صوب تحقيق أهدافه. وبعد أن عرضنا دور المؤسسة التعليمية والإعلامية في امتلاك إرادة التغيير وتشكيل الوعي الإنساني بها وتبني قضايا التطوير ومستجدات العصر يبقى مؤسسة الضبط الاجتماعي والتنشئة الاجتماعية وهي موضوع المقال القادم إن شاء الله.