الجنسين يختلفان اختلافاً كبيراً. ولكننا لا نستطيع أن نقرر أيهما يفوق الآخر. فلكل منهما عواطفه الخاصة ولإيضاح ذلك نقول إن عواطف الرجل أكثر خشونة وأقل ثباتاً وقد تصبح أكثر سمواً إذا ارتبطت بعمله الذهني.أما عواطف المرأة فأكثر رقة وثباتاً وأدق اتصالاً بالناحية الأدبية والخلقية وإن كانت في بعض الأحيان تتجه إلى أغراض تافهة أو دنيئة.
وإذا وازن الرجل نفسه بالمرأة فإنه كثيراً ما ينسب نفسه ـ دون قصد منه ـ إلى أسمى الصفات من جنسه وإلى العباقرة في العلوم والفنون. فالرجل والمرأة يتمم أحدهما الآخر في الحياة العاطفية. ويجب أن يتجه هذا الأثير المتبادل نحو توثيق العواطف في حياة تناسلية سعيدة.
أما من جهة قوة الارادة فأنا أعتقد أن المرأة تفوق فيها الرجل. وإلى تفوقها في هذا الميدان النفسي نستطيع أن نعزو معظم انتصاراتها في حياتها. وقد أسيء فهم هذه الحقيقة لأن الإنسانية قد حكمت برجال ذوي إرادة قوية امتازوا باستعمالهم السيئ للقوة الغاشمة وبتفوقهم في التفنن والابتكار دون أن تتاح الفرصة للنساء ذوات الارادة القوية أن يظهرن في هذه الأثناء.
ولكن الشخص المنصف البعيد عن الغرض في تقديره يدرك أن القوة المحركة في الأسرة لا ترجع إلى الأب كما يظهر لأول وهلة لأن الرجل وإن تظاهر بالقوة والسيطرة قلما ينفذ هذه القوة إذ تعوزه المثابرة والمرونة والتشبث التي هي أهم الأركان في قوة الارادة والتي هي من الصفات المميزة في المرأة والنتيجة المنطقية لهذا التوزيع في الخلق والصفات هي أن الرجل هو الذي يمد أسرته بالآراء وهو الذي يحركها ويوجهها بينما المرأة بحذقها ومثابرتها وبصيرتها تميز بين النافع والضار فتستغل الأول وتجتنب الثاني. وليس هذا دليلاً على تفوق المرأة بصفة عامة ولكنه دليل على أنها أكثر تسلطاً على نفسها أو بعبارة أخرى على أنها أقوى إرادة.
وبديهي أنني في هذه الحقائق أعني الغالبية من النساء لأني أعلم أن بينهن ضعيفات الإرادة، ولعل هذا أن يكون أحد الأسباب التي عملت على نمو قوة الارادة في المرأة بواسطة الانتخاب.
وليس هناك ما هو أبعد عن الانصاف والعدل ولا أقرب إلى التحيز والخطأ من أن نحقر أحد الجنسين بالنسبة إلى الآخر فلكل منهما مساوئه ومحاسنه وكل منهما يتمم الآخر ولا يستطيع الحياة دونه. وكل ما يعمل على إفادة أحدهما يفيد الآخر أيضاً حتى ولو فرضنا فرضاً جدلياً أن كلاً منهما استطاع أن يتناسل بمفرده لكان هذا إيذاناً بانحلال الإنسانية وزوال الجنس البشري.
ولسنا في حاجة هنا لأن نذكر كل المميزات النفسية للمرأة المتعلقة بوظيفتها كأم ولا المميزات النفسية للرجل المتعلقة بوظيفته كائل وحام لأسرته. كما إننا لسنا في حاجة إلى ذكر كل وجوه الخلاف الأخرى القليلة الأهمية والتي تنشأ أما من المميزات السالفة الذكر أو من الخلافات التناسلية مباشرة.