| الرد على شبهات المستشرقين و من شايعهم من المعاصرين حول السنة | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
المدير العام المدير العام
عدد الرسائل : 1715 العمر : 34 العمل/الترفيه : العلم والمعرفة السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 27/07/2008
بطاقة الشخصية الربابعة: 50
| موضوع: الرد على شبهات المستشرقين و من شايعهم من المعاصرين حول السنة الأحد أكتوبر 05, 2008 10:44 am | |
| موضوع البحث الرد على شبهات المستشرقين و من شايعهم من المعاصرين حول السنة إعداد أحمد محمد بوقرين قسم أصول الدين – بالجامعة الأمريكية المفتوحة المقدمة ظهرت في بعض الفترات من تاريخنا الإسلامي فرق وطوائف منحرفة أنكرت السنة والاحتجاج بها ، فمنهم من أنكر السنة النبوية صراحة ودعا إلى نبذها بالكلية , زعماً منهم أنه لا حاجة إليها , وأن في القرآن ما يغني عنها ، وفريق آخر رأى الحجية في نوع منها دون غيره , وكلا الأمرين بلا شك انحراف عن جادة الطريق ولقد كان أول من تعرض لهذه المذاهب المنحرفة وردَّ على أصحابها ودحض شبهاتهم هو الإمام الشافعي رحمه الله تعالى وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء حيث عقد فصلاً خاصاً في كتاب " الأم " ذكر فيه مناظرة بينه وبين بعض من يرون ردَّ السنة كلِّها ، كما عقد في كتاب " الرسالة "فصلاً طويلاً في حجية خبر الآحاد , وقد كادت تلك الطوائف التي أنكرت السنة جملة وطعنت فيها أن تنقرض ، حتى ظهرت فئة من المستشرقون و أشياعهم في بلادنا العربية و الإسلامية و الذين لم يألو جهدا في محاولة القضاء على الإسلام وهدم أصوله وأركانه ولقد بحث هؤلاء المستشرقون في كل جوانب الإسلام , فلم يغب عنهم أهمية السنة النبوية من حيث أنها المصدر التشريعي الثاني بعد القرآن الكريم ، وفيها توضيحه وبيانه ، ولذا تناولوها بالطعن والتشويه وتلفيق الشبهات حولها, وخلال الفترة ما بين النصف الثاني من القرن التاسع عشر حتى الربع الأول من القرن العشرين كان الاستشراق في ذروته لأنه كان مدعوماً من قبل الحكومات الغربية التي كانت توفر له الأسباب المعينة على دراسة العلوم الإسلامية حتى يتمكن الاستعمار الغربي في البلاد الإسلامية ، فبحث هؤلاء في كل ما يتصل بالإسلام من تاريخ وفقه وتفسير وحديث وأدب وحضارة حتى غزت تلك البحوث العالم الإسلامي في مؤسساته الفكرية والتربوية ومناهج التعليم ، وكان العديد من المسلمين قد تتلمذوا على أيدي أولئك المستشرقين و قد نجح كثير من هؤلاء | |
|
| |
المدير العام المدير العام
عدد الرسائل : 1715 العمر : 34 العمل/الترفيه : العلم والمعرفة السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 27/07/2008
بطاقة الشخصية الربابعة: 50
| موضوع: رد: الرد على شبهات المستشرقين و من شايعهم من المعاصرين حول السنة الأحد أكتوبر 05, 2008 11:20 am | |
| المستشرقين في التأثير على عقول بعض المسلمين ، فانخدعوا بكتاباتهم ودراساتهم حول الإسلام ، وهماً منهم أنها قامت على الموضوعية والحياد والإنصاف والتجرد في البحث العلمي ، ومن ثم اقتفوا آثارهم ، ورددوا دعاواهم التي لم يقيموا عليها أي بينة بل زادوا عليها من أنفسهم ، وكل هؤلاء وأولئك نفثوا سمومهم باسم البحث والمعرفة وحرية النقد وهم أبعد ما يكونوا عن العلم الصحيح والبحث القويم والنقد النزيه وبذلك جاءت كتابات هذا الفريق من تلامذة المستشرقين حول الإسلام عموماً والحديث النبوي خصوصاً لا تقلٌّ عن كتابات المستشرقين في إثارة الشبه والتشكيك في مصادر الشريعة الإسلامية .وسنقوم بإذن الله تعالى في هذا البحث بالرد على شبهات هؤلاء المستشرقين ومن شايعهمونعرج قبل ذلك على تعريف السنة ثم نتحدث عن مفهوم الإستشراق و أهدافه ثم نختم بذكر بعض النتائج و الحقائق التي تم التوصل إليها من خلال هذا البحث الذي نسأل الله التوفيق فيه و السداد .
الباب الأول : التعريف بالسنة النبوية أولاً : السنة في اللغة، هي : الطريقة، وهي السيرة حميدة كانت أو غير حميدة. ومن ذلك قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : " من سنّ سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سنّ سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة "(1)ثانياً : السنة في الاصطلاح : هناك تعريف السنة النبوية عند المحدِّثون، وهناك تعريف السنة عند الأصوليون، وهناك تعريف السنة الفقهاء. أما علماء الحديث أو المحدِّثون فإنما يبحثون في السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإمام الهادي، النبي الرسول، الذي أخبرنا ربنا - سبحانه وتعالى - أنه أسوتنا وقدوتنا، ومن ثم فقد نقلوا كل ما يتصل به - صلى الله عليه وسلم - من أقوال وأفعال وتقريرات، سواء أثبت ذلك حكما شرعياً أم لم يثبت. كما نقلوا عنه - عليه الصلاة والسلام - أخباره وشمائله وقصصه وصفاته خَلْقاً وخُلُقاً. وهذا ما قررته كتب الحديث، وأنتجته مجهودات المحدثين. ومن هنا فقد عرفوا السنة بأنها : " كل ما أثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو تقرير، أو صفة خَلْقِية أو خُلُقية، سواء كان ذلك قبل البعثة أو بعدها ". وأما علماء الأصول، فإنما يبحثون في السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشرع الذي يضع القواعد، ويوضح الطريق أمام المجتهدين من بعده، ويبين للناس دستور الحياة، فاهتموا من السنة بأقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله وتقريراته التي تستقي منها الأحكام على أفعال العباد من حيث الوجوب والحرمة | |
|
| |
المدير العام المدير العام
عدد الرسائل : 1715 العمر : 34 العمل/الترفيه : العلم والمعرفة السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 27/07/2008
بطاقة الشخصية الربابعة: 50
| موضوع: رد: الرد على شبهات المستشرقين و من شايعهم من المعاصرين حول السنة الأحد أكتوبر 05, 2008 11:21 am | |
| والإباحة، وغير ذلك .. ولذلك عرفوا السنة بأنها : (ما نقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو تقرير ". مثال القول ؛ قوله – عليه الصلاة والسلام : - ( إنما الأعمال بالنيات ).
ومثال الفعل، ما نقل إلينا من فعله – صلى الله عليه وسلم – في الصلوات من وقتها وهيئتها. ومناسك الحج وغير ذلك. ومثال التقرير ؛ إقراره - عليه الصلاة والسلام - لاجتهاد الصحابة في أمر صلاة العصر في غزوة بني قريظة حيث قال لهم : ( لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة )(2) ففهم بعضهم النهي على ظاهره فأخَّر الصلاة فلم يصلِّها حتى فات وقتها، وفهم بعضهم أن المقصود حث الصحابة على الإسراع، فصلوها في وقتها قبل الوصول إلى بني قريظة. وبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - ما فعل الفريقان فأقرهما جميعا
وأما علماء الفقه فيبحثون في السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا تخرج أقواله وأفعاله عن الدلالة على حكم من الأحكام الشرعية. ومن هنا كانت السنة عندهم هي : " ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أمراً غير جازم". أو " ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير افتراض ولا وجوب". أو " ما في فعله ثواب، وفي تركه ملامة وعتاب لا عقاب ". وهي تقابل الواجب وغيره من الأحكام الخمسة لدى الفقهاء .. وقد تطلق السنة عندهم على ما يقابل البدعة، فيقال : فلان على سنة إذا كان يعمل على وفق ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقال : فلان على بدعة، إذا عمل على خلاف ذلك. ويطلق لفظ السنة عندهم - كذلك - على ما عمل عليه الصحابة - رضوان الله عليهم - وجد ذلك في القرآن المجيد أو لم يوجد، لكونه اتباعاً لسنة ثبتت عندهم، لم تنقل إلينا، أو اجتهاداً مجتمعاً عليه منهم أو من خلفائهم. لقوله - صلى الله عليه وسلم : - " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ".
هذه معاني السنة ،أو تعريفاتها والمراد بها في مصطلح العلماء ، وقد تبين لنا أن علماء كل علم من العلوم لهم اهتمام وعمل في السنة يتناسب مع اهتمامهم ، ويحقق ما يهدفون إليه في علومهم ،دون أن تتعارض هذه العلوم ،فالصحيح أنها كلها في خدمة السنة النبوية وتيسير التعرف عليها والعمل بها ، ومن أشرف أهداف القائمين على هذه العلوم هو جمع السنة النبوية وتمحيصها ، وتنقيتها مما قد يكون دخيلاً عليها، ثم الدفاع عنها ضد الشاغبين عليها ، المعارضين لها ،الساعين إلى تشويهها و طرحها.
وبعد أن أشرنا إلى تعريفات العلماء للسنة النبوية الشريفة ننتقل إلى الباب الثاني والذي نتحدث فيه عن مفهوم الإستشراق و بعض أهدافه .
| |
|
| |
المدير العام المدير العام
عدد الرسائل : 1715 العمر : 34 العمل/الترفيه : العلم والمعرفة السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 27/07/2008
بطاقة الشخصية الربابعة: 50
| موضوع: رد: الرد على شبهات المستشرقين و من شايعهم من المعاصرين حول السنة الأحد أكتوبر 05, 2008 11:21 am | |
| والإباحة، وغير ذلك .. ولذلك عرفوا السنة بأنها : (ما نقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو تقرير ". مثال القول ؛ قوله – عليه الصلاة والسلام : - ( إنما الأعمال بالنيات ).
ومثال الفعل، ما نقل إلينا من فعله – صلى الله عليه وسلم – في الصلوات من وقتها وهيئتها. ومناسك الحج وغير ذلك. ومثال التقرير ؛ إقراره - عليه الصلاة والسلام - لاجتهاد الصحابة في أمر صلاة العصر في غزوة بني قريظة حيث قال لهم : ( لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة )(2) ففهم بعضهم النهي على ظاهره فأخَّر الصلاة فلم يصلِّها حتى فات وقتها، وفهم بعضهم أن المقصود حث الصحابة على الإسراع، فصلوها في وقتها قبل الوصول إلى بني قريظة. وبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - ما فعل الفريقان فأقرهما جميعا
وأما علماء الفقه فيبحثون في السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا تخرج أقواله وأفعاله عن الدلالة على حكم من الأحكام الشرعية. ومن هنا كانت السنة عندهم هي : " ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أمراً غير جازم". أو " ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير افتراض ولا وجوب". أو " ما في فعله ثواب، وفي تركه ملامة وعتاب لا عقاب ". وهي تقابل الواجب وغيره من الأحكام الخمسة لدى الفقهاء .. وقد تطلق السنة عندهم على ما يقابل البدعة، فيقال : فلان على سنة إذا كان يعمل على وفق ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقال : فلان على بدعة، إذا عمل على خلاف ذلك. ويطلق لفظ السنة عندهم - كذلك - على ما عمل عليه الصحابة - رضوان الله عليهم - وجد ذلك في القرآن المجيد أو لم يوجد، لكونه اتباعاً لسنة ثبتت عندهم، لم تنقل إلينا، أو اجتهاداً مجتمعاً عليه منهم أو من خلفائهم. لقوله - صلى الله عليه وسلم : - " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ".
هذه معاني السنة ،أو تعريفاتها والمراد بها في مصطلح العلماء ، وقد تبين لنا أن علماء كل علم من العلوم لهم اهتمام وعمل في السنة يتناسب مع اهتمامهم ، ويحقق ما يهدفون إليه في علومهم ،دون أن تتعارض هذه العلوم ،فالصحيح أنها كلها في خدمة السنة النبوية وتيسير التعرف عليها والعمل بها ، ومن أشرف أهداف القائمين على هذه العلوم هو جمع السنة النبوية وتمحيصها ، وتنقيتها مما قد يكون دخيلاً عليها، ثم الدفاع عنها ضد الشاغبين عليها ، المعارضين لها ،الساعين إلى تشويهها و طرحها.
وبعد أن أشرنا إلى تعريفات العلماء للسنة النبوية الشريفة ننتقل إلى الباب الثاني والذي نتحدث فيه عن مفهوم الإستشراق و بعض أهدافه .
| |
|
| |
المدير العام المدير العام
عدد الرسائل : 1715 العمر : 34 العمل/الترفيه : العلم والمعرفة السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 27/07/2008
بطاقة الشخصية الربابعة: 50
| موضوع: رد: الرد على شبهات المستشرقين و من شايعهم من المعاصرين حول السنة الأحد أكتوبر 05, 2008 11:22 am | |
| إنه لا يتورع أن يعلن صراحة وبدون مواربة عن هدفه ، الذي هو تبصير أوروبا الغافلة عن هذه القوة التي هي (صوت نذير لأوروبا ، وهتاف يجوب آفاقها ، يدعو إلى التجمع والتساند الأوروبي لمواجهة هذا العملاق ، الذي بدأ يصحو، وينفض النوم عن عينيه . يتضح من خلال ما تقدم مفهوم الإستشراق و بعض أهداف هؤلاء المستشرقين في طعنهم في الإسلام وشخص النبي صلى الله عليه و سلم و طعنهم في السنة النبوية المشرفة , وننتقل الآن إلى الحديث عن صلب موضوعنا و هو الشبهات التي يرددها هؤلاء المستشرقين و تلاميذهم ونقوم بالرد عليها بإذن الله تعالى .
الباب الثالث : الشبهات المثارة حول السنة النبوية و تفنيدها الشبهة الأولى : من الشبهات التي ادعاها بعض غلاة المستشرقين من قديم ، وأقام بناءها على وهم فاسد هي أن الحديث بقي مائتي سنة غير مكتوب ، ثم بعد هذه المدة الطويلة قرر المحدثون جمع الحديث وقد ردد عدد من المستشرقين هذه الشبهة منهم جولد زيهر وشبرنجر ، ودوزي ، فقد عقد " جولد زيهر " فصلاً خاصاً حول تدوين الحديث في كتابه " دراسات إسلامية " وشكك في صحة وجود صحف كثيرة في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم- ، ورأى " شبرنجر " في كتابه " الحديث عند العرب " أن الشروع في التدوين وقع في القرن الهجري الثاني ، وأن السنة انتقلت بطريق المشافهة فقط ، أما " دوزي " فهو ينكر نسبة هذه " التركة المجهولة " - بزعمه - من الأحاديث إلى الرسول صلى الله عليه و سلم . وقد أراد المستشرقون من وراء هذه المزاعم إضعاف الثقة باستظهار السنة وحفظها في الصدور ، والتشكيك في صحة الحديث واتهامه بالاختلاق والوضع على ألسنة المدونين ، وأنهم لم يجمعوا من الأحاديث إلا ما يوافق أهواءهم ، وصاروا يأخذون عمن سمعوا الأحاديث ، فصار هؤلاء يقول الواحد منهم : سمعت فلاناً يقول سمعت فلاناً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وبما أن الفتنة أدت إلى ظهور الانقسامات والفرق السياسية ، فقد قامت بعض الفرق بوضع أحاديث مزورة حتى تثبت أنها على الحق ، وقد قام علماء السنة بدراسة أقسام الحديث ونوعوه إلى أقسام كثيرة جداً ، وعلى هذا يصعب الحكم بأن هذا الحديث صحيح ، أو هذا الحديث موضوع .
| |
|
| |
المدير العام المدير العام
عدد الرسائل : 1715 العمر : 34 العمل/الترفيه : العلم والمعرفة السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 27/07/2008
بطاقة الشخصية الربابعة: 50
| موضوع: رد: الرد على شبهات المستشرقين و من شايعهم من المعاصرين حول السنة الأحد أكتوبر 05, 2008 11:23 am | |
| إنه لا يتورع أن يعلن صراحة وبدون مواربة عن هدفه ، الذي هو تبصير أوروبا الغافلة عن هذه القوة التي هي (صوت نذير لأوروبا ، وهتاف يجوب آفاقها ، يدعو إلى التجمع والتساند الأوروبي لمواجهة هذا العملاق ، الذي بدأ يصحو، وينفض النوم عن عينيه . يتضح من خلال ما تقدم مفهوم الإستشراق و بعض أهداف هؤلاء المستشرقين في طعنهم في الإسلام وشخص النبي صلى الله عليه و سلم و طعنهم في السنة النبوية المشرفة , وننتقل الآن إلى الحديث عن صلب موضوعنا و هو الشبهات التي يرددها هؤلاء المستشرقين و تلاميذهم ونقوم بالرد عليها بإذن الله تعالى .
الباب الثالث :
الشبهات المثارة حول السنة النبوية و تفنيدها الشبهة الأولى : من الشبهات التي ادعاها بعض غلاة المستشرقين من قديم ، وأقام بناءها على وهم فاسد هي أن الحديث بقي مائتي سنة غير مكتوب ، ثم بعد هذه المدة الطويلة قرر المحدثون جمع الحديث وقد ردد عدد من المستشرقين هذه الشبهة منهم جولد زيهر وشبرنجر ، ودوزي ، فقد عقد " جولد زيهر " فصلاً خاصاً حول تدوين الحديث في كتابه " دراسات إسلامية " وشكك في صحة وجود صحف كثيرة في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم- ، ورأى " شبرنجر " في كتابه " الحديث عند العرب " أن الشروع في التدوين وقع في القرن الهجري الثاني ، وأن السنة انتقلت بطريق المشافهة فقط ، أما " دوزي " فهو ينكر نسبة هذه " التركة المجهولة " - بزعمه - من الأحاديث إلى الرسول صلى الله عليه و سلم . وقد أراد المستشرقون من وراء هذه المزاعم إضعاف الثقة باستظهار السنة وحفظها في الصدور ، والتشكيك في صحة الحديث واتهامه بالاختلاق والوضع على ألسنة المدونين ، وأنهم لم يجمعوا من الأحاديث إلا ما يوافق أهواءهم ، وصاروا يأخذون عمن سمعوا الأحاديث ، فصار هؤلاء يقول الواحد منهم : سمعت فلاناً يقول سمعت فلاناً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وبما أن الفتنة أدت إلى ظهور الانقسامات والفرق السياسية ، فقد قامت بعض الفرق بوضع أحاديث مزورة حتى تثبت أنها على الحق ، وقد قام علماء السنة بدراسة أقسام الحديث ونوعوه إلى أقسام كثيرة جداً ، وعلى هذا يصعب الحكم بأن هذا الحديث صحيح ، أو هذا الحديث موضوع .
| |
|
| |
المدير العام المدير العام
عدد الرسائل : 1715 العمر : 34 العمل/الترفيه : العلم والمعرفة السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 27/07/2008
بطاقة الشخصية الربابعة: 50
| موضوع: رد: الرد على شبهات المستشرقين و من شايعهم من المعاصرين حول السنة الأحد أكتوبر 05, 2008 11:24 am | |
| ويمكن الرد هذه الشبهة من عدة وجوه :
1- أن تدوين الحديث قد بدأ منذ العهد الأول في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، وشمل قسماً كبيراً من الحديث ، وما يجده المطالع للكتب المؤلفة في رواة الحديث من نصوص تاريخية مبثوثة في تراجم هؤلاء الرواة ، تثبت كتابتهم للحديث بصورة واسعة جداً ، تدل على انتشار التدوين وكثرته البالغة .
2 - أن تصنيف الحديث على الأبواب في المصنفات والجوامع مرحلة متطورة متقدمة جداً في كتابة الحديث ، وقد تم ذلك قبل سنة 200 للهجرة بكثير ، فتم في أوائل القرن الثاني ، بين سنة 120 ـ 130 هـ ، بدليل الواقع الذي بين لنا ذلك ، فهناك جملة من هذه الكتب مات مصنفوها في منتصف المائة الثانية ، مثل جامع معمر بن راشد(154) ، وجامع سفيان الثوري(161) ، وهشام بن حسان(148) ، وابن جريج (150) ، وغيرها كثير . 3 - أن علماء الحديث وضعوا شروطاً لقبول الحديث ، تكفل نقله عبر الأجيال بأمانة وضبط ، حتى يُؤدَّى كما سُمِع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهناك شروط اشترطوها في الراوي تضمن فيه غاية الصدق والعدالة والأمانة ،مع الإدراك التام لتصرفاته وتحمل المسئولية ، كما أنها تضمن فيه قوة الحفظ والضبط بصدره أو بكتابه أو بهما معاً ، مما يمكنه من استحضار الحديث وأدائه كما سمعه ، ويتضح ذلك من الشروط التي اشترطها المحدثون للصحيح والحسن والتي تكفل ثقة الرواة ، ثم سلامة تناقل الحديث بين حلقات الإسناد ، وسلامته من القوادح الظاهرة والخفية ، ودقة تطبيق المحدثين لهذه الشروط والقواعد في الحكم على الحديث بالضعف لمجرد فقد دليل على صحته ، من غير أن ينتظروا قيام دليل مضاد له .
4 - أن علماء الحديث لم يكتفوا بهذا ، بل وضعوا شروطاً في الرواية المكتوبة لم يتنبه لها أولئك المتطفلون ، فقد اشترط المحدثون في الرواية المكتوبة شروط الحديث الصحيح ، ولذلك نجد على مخطوطات الحديث تسلسل سند الكتاب من راوٍ إلى آخر حتى يبلغ مؤلفه ، ونجد عليها إثبات السماعات ، وخط المؤلف أو الشيخ المسمَع الذي يروي النسخة عن نسخة المؤلف أو عن فرعها ، فكان منهج المحدثين بذلك أقوى وأحكم وأعظم حيطة من أي منهج في تمحيص الروايات والمستندات المكتوبة .
5 - أن البحث عن الإسناد لم ينتظر مائتي سنة كما وقع في كلام الزاعم ، بل فتش الصحابة عن الإسناد منذ العهد الأول حين وقعت الفتنة سنة 35 هجرية لصيانة الحديث من الدس ، وضرب المسلمون للعالم المثل الفريد في التفتيش عن الأسانيد ، حيث رحلوا إلى شتى الآفاق بحثاً عنها واختباراً لرواة الحديث ، حتى اعتبرت الرحلة شرطاً أساسياً لتكوين المحدث .
6 - أن المحدثين لم يغفلوا عما اقترفه الوضاعون وأهل البدع والمذاهب السياسية من الاختلاق في الحديث ، بل بادروا لمحاربة ذلك باتباع الوسائل العلمية الكافلة لصيانة السنة ، فوضعوا القيود والضوابط لرواية المبتدع وبيان أسباب الوضع وعلامات الحديث الموضوع .
7 - أن هذا التنوع الكثير للحديث ليس بسبب أحواله من حيث القبول أو الرد فقط ، بل إنه يتناول إضافة إلى ذلك أبحاث رواته وأسانيده ومتونه ، وهو دليل على عمق نظر المحدثين ودقة بحثهم ، فإن مما يستدل به على دقة العلم وإحكام أهله له تقاسيمه | |
|
| |
المدير العام المدير العام
عدد الرسائل : 1715 العمر : 34 العمل/الترفيه : العلم والمعرفة السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 27/07/2008
بطاقة الشخصية الربابعة: 50
| موضوع: رد: الرد على شبهات المستشرقين و من شايعهم من المعاصرين حول السنة الأحد أكتوبر 05, 2008 11:24 am | |
| ويمكن الرد هذه الشبهة من عدة وجوه :
1- أن تدوين الحديث قد بدأ منذ العهد الأول في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، وشمل قسماً كبيراً من الحديث ، وما يجده المطالع للكتب المؤلفة في رواة الحديث من نصوص تاريخية مبثوثة في تراجم هؤلاء الرواة ، تثبت كتابتهم للحديث بصورة واسعة جداً ، تدل على انتشار التدوين وكثرته البالغة .
2 - أن تصنيف الحديث على الأبواب في المصنفات والجوامع مرحلة متطورة متقدمة جداً في كتابة الحديث ، وقد تم ذلك قبل سنة 200 للهجرة بكثير ، فتم في أوائل القرن الثاني ، بين سنة 120 ـ 130 هـ ، بدليل الواقع الذي بين لنا ذلك ، فهناك جملة من هذه الكتب مات مصنفوها في منتصف المائة الثانية ، مثل جامع معمر بن راشد(154) ، وجامع سفيان الثوري(161) ، وهشام بن حسان(148) ، وابن جريج (150) ، وغيرها كثير . 3 - أن علماء الحديث وضعوا شروطاً لقبول الحديث ، تكفل نقله عبر الأجيال بأمانة وضبط ، حتى يُؤدَّى كما سُمِع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهناك شروط اشترطوها في الراوي تضمن فيه غاية الصدق والعدالة والأمانة ،مع الإدراك التام لتصرفاته وتحمل المسئولية ، كما أنها تضمن فيه قوة الحفظ والضبط بصدره أو بكتابه أو بهما معاً ، مما يمكنه من استحضار الحديث وأدائه كما سمعه ، ويتضح ذلك من الشروط التي اشترطها المحدثون للصحيح والحسن والتي تكفل ثقة الرواة ، ثم سلامة تناقل الحديث بين حلقات الإسناد ، وسلامته من القوادح الظاهرة والخفية ، ودقة تطبيق المحدثين لهذه الشروط والقواعد في الحكم على الحديث بالضعف لمجرد فقد دليل على صحته ، من غير أن ينتظروا قيام دليل مضاد له .
4 - أن علماء الحديث لم يكتفوا بهذا ، بل وضعوا شروطاً في الرواية المكتوبة لم يتنبه لها أولئك المتطفلون ، فقد اشترط المحدثون في الرواية المكتوبة شروط الحديث الصحيح ، ولذلك نجد على مخطوطات الحديث تسلسل سند الكتاب من راوٍ إلى آخر حتى يبلغ مؤلفه ، ونجد عليها إثبات السماعات ، وخط المؤلف أو الشيخ المسمَع الذي يروي النسخة عن نسخة المؤلف أو عن فرعها ، فكان منهج المحدثين بذلك أقوى وأحكم وأعظم حيطة من أي منهج في تمحيص الروايات والمستندات المكتوبة .
5 - أن البحث عن الإسناد لم ينتظر مائتي سنة كما وقع في كلام الزاعم ، بل فتش الصحابة عن الإسناد منذ العهد الأول حين وقعت الفتنة سنة 35 هجرية لصيانة الحديث من الدس ، وضرب المسلمون للعالم المثل الفريد في التفتيش عن الأسانيد ، حيث رحلوا إلى شتى الآفاق بحثاً عنها واختباراً لرواة الحديث ، حتى اعتبرت الرحلة شرطاً أساسياً لتكوين المحدث .
6 - أن المحدثين لم يغفلوا عما اقترفه الوضاعون وأهل البدع والمذاهب السياسية من الاختلاق في الحديث ، بل بادروا لمحاربة ذلك باتباع الوسائل العلمية الكافلة لصيانة السنة ، فوضعوا القيود والضوابط لرواية المبتدع وبيان أسباب الوضع وعلامات الحديث الموضوع .
7 - أن هذا التنوع الكثير للحديث ليس بسبب أحواله من حيث القبول أو الرد فقط ، بل إنه يتناول إضافة إلى ذلك أبحاث رواته وأسانيده ومتونه ، وهو دليل على عمق نظر المحدثين ودقة بحثهم ، فإن مما يستدل به على دقة العلم وإحكام أهله له تقاسيمه | |
|
| |
المدير العام المدير العام
عدد الرسائل : 1715 العمر : 34 العمل/الترفيه : العلم والمعرفة السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 27/07/2008
بطاقة الشخصية الربابعة: 50
| |
| |
المدير العام المدير العام
عدد الرسائل : 1715 العمر : 34 العمل/الترفيه : العلم والمعرفة السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 27/07/2008
بطاقة الشخصية الربابعة: 50
| موضوع: رد: الرد على شبهات المستشرقين و من شايعهم من المعاصرين حول السنة الأحد أكتوبر 05, 2008 11:26 am | |
| الشبهة الرابعة :
ومن شبهاتهم أيضا تمسكهم بجملة أخبارٍ منسوبة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تؤيد بحسب زعمهم - ما ذهبوا إليه من عدم الاحتجاج بالسنة ، ووجوب عرض ما جاء فيها على كتاب الله . ومن هذه الأخبار ما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - دعا اليهود فحدّثوه فخطب الناس فقال : ( إن الحديث سيفشو عنِّي ، فما أتاكم يوافق القرآن فهو عنِّي ، وما أتاكم يخالف القرآن فليس عنِّي ) ، فقالوا : إذا أثبتت السنة حكماً جديداً فإنها تكون غير موافقة للقرآن ، وإن لم تثبت حكماً جديداً فإنها تكون لمجرد التأكيد فالحجة إذاً في القرآن وحده . ومن هذه الأخبار التي استدلوا بها ما روِي أنه - صلى الله عليه وسلم- قال : ( إذا حُدِّثتم عنِّي حديثاً تعرفونه ولا تنكرونه ، قلته أم لم أقله فصدّقوا به ، فإني أقول ما يُعرَف ولا يُنكَر ، وإذا حُدِّثتم عنِّي حديثاً تنكرونه ولا تعرفونه فلا تصدِّقوا به ، فإني لا أقول ما يُنكَر ولا يُعرَف ) ، فقالوا هذا يفيد وجوب عرض الحديث المنسوب إليه - صلى الله عليه وسلم - على المستحسن المعروف عند الناس من الكتاب أو العقل ، فلا تكون السنة حجَّة حينئذ . ومن تلك الأخبار أيضاً ما رُوِي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إني لا أحلُّ إلا ما أحلَّ الله في كتابه ، ولا أحرِّم إلا ما حرَّم الله في كتابه ) ، وفي رواية : ( لا يمسكنَّ الناس عليَّ بشيء ، فإني لا أحلُّ لهم إلا ما أحلَّ الله ولا أحرَّم عليهم إلا ما حرَّم الله ) . هذه هي خلاصة الشبه التي أوردوها ، وهي شبه ضعيفة متهافتة لا تثبت أمام البحث والنظر الصحيح ، وتدل على مبلغ جهلهم وسوء فهمهم .
الرد على هذه الشبهة و تفنيدها :
أما الحديث الأول : ( إن الحديث سيفشو عني .... ) فإن أحاديث العرض على كتاب الله كلها ضعيفة لا يصح التمسك بشيء منها كما ذكر أهل العلم ، فمنها ما هو منقطع ، ومنها ما بعض رواته غير ثقة أو مجهول ، ومنها ما جمع بين الأمرين ، وقد بَيَّن ذلك ابن حزم و البيهقي ، و السيوطي ، وقال الشافعي في الرسالة : " ما روَى هذا أحدٌ يثبت حديثه في شيء صغير ولا كبير ، وإنما هي رواية منقطعة عن رجل مجهول ونحن لا نقبل هذه الرواية في شيء " ، بل نقل ابن عبد البر في جامعه عن عبد الرحمن بن مهدي قوله : " الزنادقة والخوارج وضعوا هذا الحديث " ، ثم قال : " وهذه الألفاظ لا تصح عنه - صلى الله عليه وسلم - عند أهل العلم بصحيح النقل من سقيمه " . بل إن الحديث نفسه يعود على نفسه بالبطلان ، فلو عرضناه على كتاب الله لوجدناه مخالفاً له ، فلا يوجد في كتاب الله أن حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقبل منه إلا ما وافق الكتاب ، بل إننا نجد في القرآن إطلاق التأسي به - صلى الله عليه وسلم والأمر بطاعته ، والتحذير من مخالفة أمره على كل حال ، فرجع الحديث على نفسه بالبطلان . ومما يدل على بطلانه كذلك معارضته الصريحة لقوله - صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي رواه أبو داود : ( لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه ، فيقول : لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه ). وعلى التسليم بصحة الخبر فليس المراد منه أن ما يصدر عن النبي - صلى الله عليه وسلم نوعان : منه ما يوافق الكتاب فهذا يُعمل به ، ومنه ما يخالفه فهذا يُردُّ ، بل لا | |
|
| |
المدير العام المدير العام
عدد الرسائل : 1715 العمر : 34 العمل/الترفيه : العلم والمعرفة السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 27/07/2008
بطاقة الشخصية الربابعة: 50
| موضوع: رد: الرد على شبهات المستشرقين و من شايعهم من المعاصرين حول السنة الأحد أكتوبر 05, 2008 11:27 am | |
| يمكن أن يقول بذلك مسلم ، لأن في ذلك اتهاماً للرسول عليه الصلاة والسلام بأنه يمكن أن يصدر عنه ما يخالف القرآن ، وكيف لمؤمن أن يقول ذلك وقد ائتمنه الله على وحيه ودينه وقال له : { قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي }(14) . فالرسول عليه الصلاة والسلام معصوم من أن يصدر عنه ما يخالف القرآن ، ولا يمكن أن يوجد خبر صحيح ثابت عنه مخالفٌ لما في القرآن . فيكون معنى الحديث إذاً : " إذا رُوِي لكم حديث فاشتبه عليكم هل هو من قولي أو لا فاعرضوه على كتاب الله ، فإن خالفه فردُّوه فإنه ليس من قولي " ، وهذا هو نفسه الذي يقوله أهل العلم عندما يتكلمون على علامات الوضع في الحديث ، فإنهم يذكرون من تلك العلامات أن يكون الحديث مخالفاً لمحكمات الكتاب ، ولذلك قال " فما أتاكم يوافق القرآن : فهو عنِّي ، وما أتاكم يخالف القرآن فليس عنِّي". وعندما نقول : إن السنة الصحيحة لابدَّ وأن تكون موافقة للقرآن غير مخالفة له ، فلا يلزم أن تكون هذه الموافقة موافقة تفصيلية في كل شيء ، فقد تكون الموافقة على جهة الإجمال ، فحين تبين السنة حكماً أجمله القرآن ، أو توضِّح مُشْكِلاً ، أو تخصص عامَّاً ، أو تقييد مطلقاً ، أو غير ذلك من أوجه البيان ، فهذا البيان في الحقيقة موافق لما في القرآن ، غير مخالف له . بل حتى الأحكام الجديدة التي أثبتتها السنة ودلَّت عليها استقلالاً ، هي أيضاً أحكام لا تخالف القرآن ، لأن القرآن سكت عنها على جهة التفصيل ، وإن كان قد أشار إليها وتعرض لها على جهة الإجمال حين قال : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } (15) . وأما الحديث الثاني : ( إذا حُدِّثتم عنِّي حديثاً تعرفونه ولا تنكرونه ....) ، فرواياته ضعيفة منقطعة كما قال البيهقي و ابن حزم وغيرهما ، فضلاً عما فيه من تجويز الكذب عليه - صلى الله عليه وسلم - وذلك في عبارة : ( ما أتاكم من خبر فهو عنِّي قلته أم لم أقله ) ، وحاشا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسمح بالكذب عليه وهو الذي تواتر عنه قوله في الصحيحين : ( من كذب عليَّ متعمداً فليتبوَّأ مقعده من النار ) . وقد رُوي هذا الحديث من طرق مقبولة ليس فيها لفظ ( قلته أم لم أقله ) منها رواية صحيحة أخرجها الإمام أحمد : ( إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم وتلين له أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم قريب فأنا أولاكم به ، وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم بعيد فأنا أبعدكم منه ) والمراد منه أن من أدلَّة صحة الحديث وثبوته أن يكون وفق ما جاءت به الشريعة من المحاسن ، وأن يكون قريباً من العقول السليمة والفطر المستقيمة ، فإن جاء على غير ذلك كان دليلاً على عدم صحته ، وهذا هو الذي يقوله علماء الحديث عند الكلام على العلامات التي يعرف بها الوضع وليس هذا مجال بسطها . نعم قد تقصر عقولنا عن إدارك الحكمة والعلَّة ، فلا يكون ذلك سبباً في إبطال صحة الحديث وحجيته ، فمتى ما ثبت الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجب علينا قبوله وحسن الظن به ، والعمل بمقتضاه ، واتهام عقولنا ، قال ابن عبد البر : كان أبو إسحاق إبراهيم بن سيار يقول : " بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب من فم القربة ، فكنت أقول : إن لهذا الحديث لشأناً ، وما في الشرب من فم القربة حتى يجيء فيه هذا النهي ؟ فلما قيل لي : إن رجلاً شرب من فم القربة فوكعته حية فمات ، وإن الحيات والأفاعي تدخل أفواه القرب علمت أن كل شيء لا أعلم تأويله من الحديث أن له مذهباً وإن جهلته ". وأما الحديث الثالث : ( إني لا أحلُّ إلا ما أحلَّ الله في كتابه ....) ، فهو حديث | |
|
| |
المدير العام المدير العام
عدد الرسائل : 1715 العمر : 34 العمل/الترفيه : العلم والمعرفة السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 27/07/2008
بطاقة الشخصية الربابعة: 50
| موضوع: رد: الرد على شبهات المستشرقين و من شايعهم من المعاصرين حول السنة الأحد أكتوبر 05, 2008 11:28 am | |
| منقطع في كلتا روايتيه كما قال الشافعي و البيهقي و ابن حزم . وعلى فرض صحته فليس فيه أيُّ دلالة على عدم حجية السنة بل المراد بقوله : ( في كتابه ) ما أوحى الله إليه - كما قال البيهقي - فإن ما أوحى الله إلى رسوله نوعان : أحدهما وحي يتلى ، والآخر وحي لا يتلى ، ففسَّرَ الكتاب هنا بما هو أعم من القرآن . وقد ورد في السنة استعمال الكتاب في هذا المعنى في الحديث الذي رواه الإمام البخاري حيث قال - صلى الله عليه وسلم - لأبي الزاني بامرأة الرجل الذي صالحه على الغنم والخادم : (والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله ، الوليدة والغنم ردٌّ ، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام ، اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها فغدا إليها فاعترفت فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فرُجِمت ، فجعل - صلى الله عليه وسلم -حكم الرجم والتغريب في كتاب الله ، مما يدُلُّ على أن المراد عموم ما أوحي إليه . وحتى لو سلمنا أن المراد بالكتاب القرآن ، فإن ما أحلَّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو حرمه ولم ينص عليه القرآن صراحة ، فهو حلال أو حرام في القرآن لقول الله تعالى : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا }(16) ، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه حلالا استحللناه وما وجدنا فيه حراما حرمناه ، وإن ما حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما حرم الله ) رواه الترمذي وغيره . وأما رواية : ( لا يمسكنَّ الناس عليَّ بشيء ...) ، فقد قال فيها الشافعي إنها من رواية طاووس وهو حديث منقطع . وعلى افتراض ثبوتها فليس معناها تحريم التمسك بشيء مما جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - أو الاحتجاج به .
وإنما المراد أنه -صلى الله عليه وسلم - في موضع القدوة والأسوة ، وأن الله عز وجل قد خصَّه بأشياء دون سائر الناس فأبيح له ما لم يبح لغيره ، وحُرِّم عليه ما لم يُحرَّم على غيره ، فكان المعنى : لا يتمسكن الناس بشيء من الأشياء التي خصني الله بها ، وجعل حكمي فيها مخالفاً لحكمهم ، ولا يقس أحدٌ نفسه عليَّ في شيء من ذلك ، فإن الحاكم في ذلك كله هو الله تعالى ، فهو الذي سوى بيني وبينهم في بعض الأحكام ، وفرَّق بيني وبينهم في بعضها الآخر . وبهذا يتبين أن الأحاديث التي استند إليها أصحاب هذه الشبهة منها ما لم يثبت عند أهل العلم ، ومنها ما ثبت ولكن ليس فيه دليل على دعواهم ، فلم يبق لهؤلاء الذين نابذوا السنة ، وتأولوا القرآن على غير وجهه - من حجة إلا اتباع الهوى ، وصدق الله إذ يقول :{فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } .(17)
الشبهة الخامسة :خلاصة هذه الشبهة قولهم: إن السنة لم تكن شرعاً عند النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقصد النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون سنته مصدراً تشريعياً للدين وما قال شيئاً أو فعله بقصد التشريع ولم يرد النبي صلى الله عليه وسلم في حياته أن يكون ثمة مصدر تشريعي سوى القرآن المجيد بل كان مصدر التشريع عند الرسول صلى الله عليه وسلم هو القرآن وحده وكذلك فهم الصحابة رضوان الله عليهم وجاء عهد التابعين الذين | |
|
| |
| الرد على شبهات المستشرقين و من شايعهم من المعاصرين حول السنة | |
|