جاءت الرسالة ، كما يبين سموه فيها ، "لإثبات أن دين الإسلام هو دين الحب والمودة ، وأن القرآن الكريم دستور عظيم صالح لأن يكون منهجا لبث ونشر المحبة في العالم ، خلافا لما يظنه ويروجه البعض من غير المسلمين ، وحتى من مفكريهم". ويبين سموه أن الهدف الأول من الرسالة كان بيان أن "كل ما يمكن ان يقال عن الحب موجود في كتاب الله جل جلاله ، وانه مذكور تفصيلا وليس مجملا".
ويضيف "اما الحديث النبوي الشريف فقد جاء مؤكدا لما جاء في القرآن الكريم ، وهذا خلافا للعلماء الذين تناولوا الكلام عن الحب ، حيث انهم اثبتوا بعض المسائل التي طرحوها في كلامهم عن الحب اما باستدلال من حديث ، او قول لأحد من الصوفية ، أومن الشعر ، أومن القصص والأمثال الشعبية ، أوغير ذلك ، ولم يرتكزوا في الاستدلال على كل نقطة بالقرآن الكريم".
ولفت سموه الى ان كثيرا من الفلاسفة عندما ناقشوا الحب لم يستشهدوا بآية واحدة من القرآن الكريم ، ومنهم - مع الاسف - ابن سينا في رسالته (رسالة في العشق) ، وبعض علماء المسلمين الآخرين كالامام الغزالي في كتابه: (احياء علوم الدين ـ كتاب المحبة ، والشوق والانس والرضا) الباب رقم 36 ، ومحيي الدين بن عربي في كتابه: (الفتوحات الملكية) الفصل 178 (رسالة في الحب) وابن حزم في (طوق الحمامة) ، فانهم احيانا كانوا يستدلون من القرآن والحديث معا ، واحيانا من القرآن وحده ، واحيانا من الحديث وحده.
وقال "ونحن في هذه الرسالة الفلسفية الحية بمشيئة الله جل جلاله نأمل ان نعطي شرحا كافيا عن الحب ومنهجنا هنا الاستدلال القرآن وحده دائما ، حيث نجعله الاساس في بناء النقاط. واما الاحاديث فاذا اوردناها فانما هي لتعزيز المعنى وزيادة الايضاح".
ويجلي الكتاب اللبس الشائع عند كثير من غير المسلمين عن موضوع الحب في الاسلام وفي القرآن الكريم اذ ان كثيرا من غير المسلمين - مفكريهم وعامتهم - يظنون انه لا يوجد ذكر للحب او اعتناء به في القرآن الكريم ، وان وجد اهتمام في الاسلام بالحب ، فهذا الاهتمام انما يأتي من المتصوفين اواحيانا من بعض الاحاديث الشريفة (التي يشككون اصلا في صحتها) ، وليس من القرآن الكريم.
ويبين الكتاب ان القرآن الكريم ذكر واوضح كل ما يمكن للانسان ان يعرفه او يفهمه عن الحب فهو موجود في كتاب الله جل جلاله - القرآن الكريم.
ويتناول الكتاب تعريف الحب ، مبينا تعريف الحب في حق الخالق وفي حق المخلوق ، وان معناه في حق المخلوق هو: "ميل من بعد الاعجاب الى الحسن" ، وهذا تعريف استنبط من كلام الله جل جلاله مباشرة وهو لا يختلف في جوهره عما قاله كثير من العلماء ، اما بالنسبة لحب الله جل جلاله فهو"حب الجمال" ، كما تناول موضوع "الله جل جلاله والحب" موضحا ان حب الله لعباده حقيقة ثابتة في القرآن الكريم وان اصل هذه المسألة هو ارتباط اسم الجلالة الله باسمه "الرحمن" واسمه "الرحيم" وان رحمته جل جلاله شاملة للخلق جميعا.
كما تناول الكتاب موضوع "الحب اصل الخلق" موضحا ان الحب اصل الخلق وان الله جل جلاله خلق الخلق للرحمة ، كما تناول موضوع "الكون والحب" وايضا "حب الله جل جلاله" و"حب الله جل جلاله لرسله وانبيائه" مثلما تناول موضوع "الذين لا يحبهم الله جل جلاله" وكذلك "حب الرسول صلى الله عليه وسلم لله جل جلاله" و"حب الرسول صلى الله عليه وسلم للمؤمنين" و"حب الانسان لله جل جلاله" بالاضافة الى "حب المؤمن للرسول صلى الله عليه وسلم" و"حب قربى الرسول صلى الله عليه وسلم واهل بيته الاطهار" و"اثر حب الله جل جلاله على الانسان".
بحث الكتاب في مسألة تعريف اولياء الله جل جلاله وما ورد فيهم من الايات وصفاتهم الى جانب مناقشة قضية الولاية وحب الله جل جلاله ، وكذلك تناول قضية الحب العائلي وايضا حب الاخرين الناس جميعا واهل الكتاب والمؤمنين والاصدقاء بالاضافة الى مسألة الحب الزوجي والحب الجنسي وايضا الحب والزنا والحب والنظر.
وتحدث الكتاب عن (انواع الحب) التي ذكرها الله جل جلاله في كتابه الكريم ، كالحب والرحمة والرأفة والود والشغف والهوى والهم والرغب والغرام والهيام... وهي خمسة وثلاثون نوعا ، مبينا معانيها واحدة واحدة من كتب اللغة ، وذكر الآيات التي وردت فيها ، بحيث اصبح - ان شاء الله جل جلاله - بحثا جامعا لكل ما جاء في القرآن الكريم في انواع الحب.
كما تناول الكتاب (مراحل الحب) و(الوقوع في الحب) و(نموالحب) و(دائرتا الحب) وكذلك (مثلث الحب) و(مراتب الجمال والحب) و(نقيضا الجمال والحب) و(طبيعة الحب) و(الحب والجمال في الجنة) وايضا (الجمال والحسن ومكوناتهما) وكذلك (الذوق) و(طبيعة الجمال) و(الحب والموت) و(اللقاء والرضوان) و(المقصود الحقيقي وراء كل حب).
وبين سموه أن الكتاب يهدف الى تحقيق خمسة فوائد .
الهدف الأول :
بيان أن كل ما يمكن ان يقال عن الحب موجود في كتاب الله جل جلاله ، وانه مذكور تفصيلا وليس مجملا ، تأكيدا وايمانا منا بقول الله جل جلاله عن كتابه الكريم بأنه: "تبيانا لكل شيء" ، و"تفصيلا لكل شيء" ، وتحقيقا لقوله جل جلاله ايضا: "ما فرطنا في الكتاب من شيء". وبذلك تبين ان جميع مسائل وقضايا وانواع الحب مذكورة في القرآن الكريم ، وهذا كله يعتبر من اعجاز القرآن الكريم في هذا الموضوع الفلسفي ، وربما يدل على الاعجاز القرآني في جميع مواضيع الفلسفة.
والهدف الثاني:
شرح الحب واسراره من القرآن الكريم شرحا وافيا ، متضمنا أمورا لم تكتب من قبل - فيما نعلم - من القرآن الكريم في الحب مثل: تعريف الحب ، وتعريف الوقوع في الحب ، واستخراج انواع الحب ، واستخراج مراحل الحب ، وملكات الانسان ، وعلاقة ملكات الانسان مع مراحل الحب ، وعلاقة الحب بالنظر ، وعلاقة الحب بالذوق ، وقضية الوقوع في الحب ، وقضية زواج النفوس ، كل ذلك من القرآن الكريم فقط ، وبطريقة لم تطرح من قبل ، فجمعنا كل ذلك في كتاب واحد ، ونأمل ان يكون باذن الله مرجعا لقضية الحب في القرآن الكريم.
والهدف الثالث هو:
اثبات كل نقطة وطرح ورد في هذه الرسالة بالقرآن الكريم فقط ، واما الحديث النبوي الشريف فاننا جعلناه - حين اوردناه واستشهدنا به - مؤكدا لما جاء في القرآن الكريم ، وهذا خلافا للعلماء الذين سبقونا في الكلام عن الحب ، حيث انهم اثبتوا بعض المسائل التي طرحوها في كلامهم عن الحب اما باستدلال من حديث ، اوقول لأحد من الصوفية ، أومن الشعر ، أومن القصص والأمثال الشعبية ، أوغير ذلك ، ولم يرتكزوا في الاستدلال على كل نقطة بالقرآن الكريم كما هونهجنا في هذه الرسالة.
والهدف الرابع:
جمع صفوة وخلاصة ما قاله العلماء قبلنا عن الحب في القرآن الكريم ، وذكرنا ما قالوه في موضوعات الحب وتعريفهم لكثير من قضاياه المذكورة في القرآن الكريم وخاصة التعريفات والمعاني الفلسفية واللغوية لهذه المسائل وجعلناها في الهوامش ، وتطرقنا لمسائل كثيرة ومتنوعة عن الحب لم يتطرقوا لها ، فاصبح باذن الله جل جلاله كتابا شاملا في الحب ، ومنهاجا لتشخيص الحب وقطع مراحله لمن يريده ، فلهذا نرجوان تكون قد اصبحت مادة تصلح منهجا للتعليم في هذا الموضوع.
اما الهدف الخامس فهو:
اثبات ان دين الاسلام هودين الحب والمودة ، وان القرآن الكريم - وهوالكتاب المقدس عند المسلمين - دستور عظيم صالح لأن يكون منهجا لبث ونشر المحبة في العالم ، خلافا لما يظنه ويروجه البعض من غير المسلمين (وحتى من مفكريهم) ، وان الاهتمام بموضوع الحب في الاسلام انما أتى من المتصوفين وبعض الاحاديث النبوية الشريفة فقط ، والحق خلاف ذلك فان القرآن الكريم اوضح كل ما يمكن للانسان ان يعرفه او يفهمه عن الحب.
ويخلص الكتاب الى:
ان الله جل جلاله هوالرحمن والرحيم والودود ، خلق العالم من الرحمة ومن الحب ، وجعل الجمال في كل ما خلقه ، والله جل جلاله يحب جماله من خلال الكون الذي خلق فيه الجمال. وبالحب يعود الانسان بالصراط المستقيم الى الله جل جلاله ، وبالحب ايضا - ولكن بحب ادنى واسفل - يأخذ الانسان الطريق الى النار. فالله جل جلاله يقول: "وهديناه النجدين" (البلد) فللانسان خيار بين الحب الاسمى والحب الادنى ، وبين الحب الذي يؤدي الى الله والى الجنة والحب الذي يؤدي الى العذاب والى النار ، فعلينا ان نختار حب الله ورجاءه في هذه الدنيا وفي الاخرة على حب الهوى والشهوات.
ونقرأ في مطلع الكتاب تعليقات لعدد من العلماء المسلمين حول الرسالة ومنهجها ، حيث يقول المفتي العام السوري الدكتور أحمد بدر الدين حسون ان البحث فيه "أفق العلم وقوته ، وحب العالًم وتواضعه ، وجلال المعرفة وجمال الكلمة وكمال الأسلوب وحسن الخطاب".
ويقول المفتي العام البوسني الدكتور مصطفى تسيريتش ان هذه الرسالة "جاءت في وقتها في هذه الظروف التي تمر بها الأمة الاسلامية. وهي رسالة لا مثيل لها في الماضي ، ومستقبلها خير ما يكون في الحب بين أبناء الأمة الواحدة ، وبينهم وبين الآخرين".
ولفت المفتي العام للمملكة الدكتور نوح القضاة الى أن الرسالة ذات طابع فلسفي ، فيها معان ذوقية جميلة مستنبطة من الجمع بين الآيات في مواضيع لم يُسبق إليها ، ولا تخالف ثوابت العقيدة.
عن الرسالة العالمية التي قدمها سمو الامير غازي بن محمد المبعوث الشخصي المستشار الخاص لجلالة الملك -حفظه الله - الى كلية اصول الدين بجامعة الازهر للحصول على درجة الدكتوراة في اصول الدين بقسم العقيدة والفلسفة ، حيث حصل عليها سموه مع مرتبة الشرف الاولى.
