سامي العشيبات
عدد الرسائل : 469 العمر : 36 الموقع : https://just.123.st/ العمل/الترفيه : محاسب السٌّمعَة : 7 تاريخ التسجيل : 29/09/2010
بطاقة الشخصية الربابعة: 50
| موضوع: الالتفات هو عند أهل البلاغة الجمعة نوفمبر 26, 2010 5:50 pm | |
| [size=29]من أسرار بلاغة القرآن بقلم دكتور محمود شيخون عميد كلية الدراسات الإسلامية بالأزهر المصـــدر الالتفات هو عند أهل البلاغة والبيان : ( التعبير عن معنى من المعانى بطريق من الطرق الثلاثة : التكلم والخطاب والغيبة بعد التعبير عنه بطريق آخر منها ) . وهو من أجل علوم البلاغة ، وهو أمير جنودها ، والواسطة فى قلائدها وعقودها ، وهو فن ملاكه الذوق السليم ، والوجدان الصادق . وسمى بذلك : لأنه مأخوذ من التفات الإنسان عن يمينه وشماله ، فهو يقبل بوجهه تارة كذا ، وتارة كذا ، وكذلك يكون هذا النوع من الكلام خاصة ، لأنه ينتقل فيه من صيغة إلى صيغة، ومن خطاب إلى غيبة ، ومن غيبة إلى خطاب ، إلى غير ذلك من أنواع الالتفات . ويسمى أيضا : ( شجاعة العربية ) ، وإنما سمى بذلك ، لأن الشجاعة هى الإقدام ، وذاك أن الرجل الشجاع ، يركب ما لا يستطيعه غيره ، ويتورد ما لا يتورده سواه ، وكذلك هذا الالتفات فى الكلام ، فإن اللغة العربية تختص به دون غيرها من اللغات . صورة : وله فى الأساليب العربية ست صور . الصورة الأولى : الانتقال من التكلم إلى الخطاب . الصورة الثانية : الانتقال من التكلم إلى الغيبة . الصورة الثالثة : الانتقال من الخطاب إلى التكلم . الصورة الرابعة : الانتقال من الخطاب إلى الغيبة . الصورة الخامسة : الانتقال من الغيبة إلى التكلم . الصورة السادسة : الانتقال من الغيبة إلى الخطاب . وهذه الصور توجد فى القرآن الكريم ، ما عدا الصورة الثالثة ، وهى الانتقال من الخطاب إلى التكلم ، فلم أعثر لها على شاهد فى القرآن الكريم . وقد مثل لها بعضهم بقوله تعالى : " فاقض ما أنت قاض، إنما تقضى هذه الحياة الدنيا إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر ، والله خير وأبقى " . وهذا المثال لا يصح ، لأن شرط الالتفات أن يكون المراد به وحدا . وقال الزركشى : " ويمكن أن يمثل لهذه الصورة بقوله تعالى : " قل الله أسرع مكرا ، إن رسلنا يكتبون ما تمكرون " ، على أنه سبحانه نزل نفسه منزلة المخاطب . وهذا تكلف وتعسف ، لا يخفى على من له ذوق ، ولا أدرى كيف وقع فيه الزركشى ؟ ( من إسرار الالتفات فى القرآن ) إن من يمعن النظر فى شواهد الالتفات فى القرآن ، يتضح له أنها تشتمل على كثير من الأسرار البلاغية ، واللطائف الأدبية ، التى تهز العواطف ، وتحرك الأحاسيس والمشاعر . ومن هذه الشواهد قوله تعالى حكاية عن حبيب النجار : " وما لى لا أعبد الذى فطرنى وإليه ترجعون " . فقد التفت من التكلم فى قوله : " وما لى لا أعبد الذى فطرنى " إلى الخطاب فى قوله : " وإليه ترجعون " ، لكى يخرج الكلام فى معرض مناصحته لنفسه ، وهو يريد نصح قومه ، تلطفا وإعلاما بأنه يريده لنفسه ، ثم التفت إليهم ، لكونه فى مقام تخويفهم ، ودعوتهم إلى الله ، وأيضا فإن قومه ، لما أنكروا عليه عبادته لله ، أخرج الكلام معهم بحسب حالهم ، فاحتج عليهم بأنه يقبح منه ألا يعبد فاطره ومبدعه ، ثم حذرهم بقوله : " وإليه ترجعون " . ومنها قوله تعالى : " إنا أعطيناك الكوثر ، فصل لربك وانحر " . فقد التفت من التكلم فى قوله : " إنا أعطيناك الكوثر " إلى الغيبة فى قوله : " فصل لربك وانحر " ، تأكيدا لترغيبه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى أداء ما أمر به على الوجه الأكمل . ونستكمل الحديث إن شاء الله . يقول تعالى: (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً) . انتقل القرآن من الخطاب فى قوله: (جاءوك) إلى الغيبة فى قوله: (واستغفر لهم الرسول) تفخيماً لشأن الرسول (، وتعظيماً لاستغفاره، وتنبيهاً على أن شفاعة الرسول من الله بمكان ، وعلى أن هذا الوصف الشريف ، وهو إرسال الله إياه موجب لطاعته، وعلى أنه مندرج فى عموم قوله : (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله). ومنها قوله تعالى: (وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون). انتقل القرآن من الخطاب إلى الغيبة، للمبالغة فى المدح . قال الزمخشرى: وقوله تعالى: (فأولئك هم المضعفون) التفات حسن، كأنه قال لملائكته، وخواص خلقه: فأولئك الذين يريدون وجه الله بصدقاتهم ، هم المضعفون ، فهو أمدح من أن يقول : فأنتم المضعفون . وتابعه فيما ذهب إليه الألوسى - رحمه الله - . ومنها قوله تعالى: (إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيما وينصرك الله نصراً عزيزاً) . انتقل القرآن من التكلم فى قوله : (إنا فتحنا لك فتحا مبيناً) إلى الغيبة فى قوله: (ليغفر لك الله) تعليقاً لهذه المغفرة التامة باسمه المتضمن لسائر اسمائه الحسنى، ولهذا علق به النصر ، فقال: (وينصرك الله نصراً عزيزاً) . ومنها قوله تعالى : (الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين * إياك تعبد وإياك نستعين * اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين). انتقل القرآن من الغيبة فى قوله : (الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم* مالك يوم الدين) إلى الخطاب فى قوله : (إياك نعبد وإياك نستعين)، لأن العبد إذا افتتح حمد مولاه بقوله : (الحمد لله) الدال على اختصاصه بالحمد، وجد من نفسه التحرك للإقبال عليه - سبحانه - فإذا انتقل إلى قوله : (رب العالمين) الدال على ربوبيته لجميعهم، قوى تحركه، فإذا قال: (الرحمن الرحيم) الدال على أنه منعم بأنواع النعم ، جليلها وحقيرها ، تزايد التحرك عنده، فإذا وصل لـ (مالك يوم الدين)، وهو خاتمة الصفات الدالة على أنه مالك الأمر كله يوم الجزاء ، وجد من نفسه حاملا، لا يقدر على دفعه على خطاب من هذه صفاته بتخصيصه بغاية الخضوع، والاستعانة فى المهمات. وقيل: إنما اختير للحمد الغيبة، وللعبادة الخطاب؛ للإشارة إلى أن الحمد دون العبادة فى الرتبة، فإنك تحمد نظيرك ، ولا تعبده ، إذ الإنسان يحم من لا يعبده، ولا يعبد من لا يحمده ، فلما كان كذلك استعمل لفظ " الحمد" لتوسطه مع الغيبة فى الخبر ، فقال: الحمد لله " ، ولم يقل "الحمد لك" ، ولفظ (العبادة) مع الخطاب، فقال "إياك نعبد" ؛ لينسب إلى العظيم حال المخاطبة والمواجهة، ما هو أعلى رتبة ، وذلك على طريقة التأدب. وقيل: إن سر الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، هو التنبيه على أن مبدأ الخلق الغيبة منهم عنه - سبحانه - وقصورهم عن محاضرته ومخاطبته، وقيام حجاب العظمة عليهم ، فإذا عرفوه بما هو له ، وتوسلوا للقرب بالثناء عليه، وأقروا بالمحامد له . وتعبدوا له بما يليق به ، تأهلوا لمخاطبته ، ومناجاته ، فقالوا : (إياك نعبد وإياك نستعين). وقيل : لأنه لما ذكر الحقيقة بالحمد، وأجرى عليه الصفات العظيمة من كونه ربا للعاملين ، ورحماناً ورحمياً ، ومالكاً ليوم الدين تعلق العلم بمعلوم عظيم الشأن ، حقيق بأن يكون معبوداً ، دون غيره، مستعاناً به ، فخوطب بذلك ، لتميزه بالصفات المذكورة تعظيماً لشأنه كله ، حتى كأنه قيل : إياك يا من هذه صفاته نخص بالعبادة والاستعانة لا غيرك. وفى آخر السورة الكريمة انتقل القرآن من الخطاب إلى الغيبة، حيث قال: "الذين أنعمت عليهم " مصرحاً بذكر المنعم ، وإسناد الإنعام إليه لفظاً ، ولم يقل: (صراط المنعم عليهم) ، فلما صار إلى ذكر الغضب ، زوى عنه لفظه ، فلم ينسبه إليه لفظاً. وجاء باللفظ منحرفاً عن ذكر الغاضب ، فلم يقل: (غير الذين غضبت عليهم). تفاديا عن نسبة الغضب إليه فى اللفظ حال المواجهة. وفى هذا الالتفات تعظيم لشأن المخاطب ، لأن مخاطبة الرب - تبارك وتعالى - بإسناد النعمة إليه تعظيم لخطابه ، وكذلك ترك مخاطبته بإسناد الغضب إليه ، تعظيم لخطابه. __________________ قال من قد سلف : ( لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه ، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره ، و يؤكد الجهل عليك ، و لكن افهم عنه ، فإذا فهمته فأجبه و لا تعجل بالجواب قبل الاستفهام ، و لا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم فإن الجواب قبل الفهم حُمُق ) . [ جامع بيان العلم و فضله 1/148 ]. [/size] | |
|
محمد عمر ربابعة مشرف قسم
عدد الرسائل : 53 العمر : 29 العمل/الترفيه : العلم والمعرفة السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/11/2008
بطاقة الشخصية الربابعة: 50
| موضوع: رد: الالتفات هو عند أهل البلاغة السبت نوفمبر 27, 2010 7:52 am | |
| | |
|