إن الشهوة الجنسية غريزة طبيعية في الإنسان ، وفطرة فطر الله الناس عليها ، وقد اعترف الإسلام بهذه الغريزة واحترمها ، لدلك شرع الله الزواج بين الجنسين طريقا لتلبية داعي هذه الغريزة ، وجعله سنة من سنن المرسلين ، وسمى العقد الذي بين الزوجين ميثاقا غليظا إشعارا بعظمته وأهميته .
وتعتبر هذه الغريزة من أقوى الغرائز لدى الإنسان ، وأشدها خطرا عليه ، ولذلك جعلها الله أول الشهوات التي زينت للناس ، قال تعالى : " زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين ....."
ومتى أطلق العنان لهذه الغريزة ، وفتح لها الباب على مصراعيه ، في غيبة من الوازع الديني والأخلاقي ، فإنها لا تبقي ولا تدر ، وتهلك الحال والمال ، ويؤدي إهمالها إلى فساد المجتمع وضياع النسل والأنساب ، وخراب الأمم والأفراد .
وقد حذر الله – تبارك وتعالى – حتى من مجرد الاقتراب من الفاحشة ، فقال : " ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، وقال : " ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا " .
وإذا حرم الله شيئا حرم أسبابه ، ونهى عن دواعيه ووضع من الأحكام والتشريعات ما يسهل للناس تجنبه والإبتعاد عنه ، فعندما حرم الله الزنا شرع عددا من القواعد والتشريعات ووضع سياجات تقي الناس من الوقوع في أوحال الرذيلة تسهيلا لهم ورفعا للمشقة والتكلفة عنهم وإن كان في ضاهرها المشقة والتكلفة .
ومن هذه التشريعات :
أولا :أمره – سبحانه وتعالى –الجنسين بغض البصر
ثانيا : أمر الله تعالى النساء بالقرار في البيوت حفاظا على استقرار المجتمع
ثالثا : أمر الله تعالى النساء بالحجاب سدا لأبواب الفتنة
رابعا : نهيت المرأة عن الضرب برجلها إظهارا لزينتها
خامسا : نهيت المرأة عن التكسر في الكلام ،
سادسا : نهي المرأة عن التعطر للأجانب
سابعا : نهى الشرع الحكيم عن الاختلاط بين الجنسين ، وحرم الخلوة بالمرأة الأجنبية
ثامنا : شرع الله – سبحانه وتعالى- إشهار الزواج الشرعي ، وجعل شهود العقد من شروط صحة
الزواج .
ولو عمل الناس بهذه الأحكام التي وضعها الإسلام لعاشوا في سعادة وهناء ، ولكن عندما تعامت النساء عن الوصايا ، وتجاهل الشباب القواعد والأنظمة الشرعية ، حلت بهم الكوارث ، وانفلت الومام من يد المجتمع .
إن القلب ليتفطر أسى وحسرة حين ترى الشاب في أوج قوته وفتوته ، جعل عقله بين رجليه ، لا هم له إلا ملاحقة الفتيات وارتياد أماكن تجمعاتهن ، يعيش هائما كالسكران ، يبحث عن الشهوة في كل مكان ، وبأي شكل ، حتى تصبح همه الأول ، فٌذا تحرك فمن أجلها ، وإذا سكن فلأجلها ، يقيم من أجل إرضاءها ، ويسافر بحثا عنها ، يسهر الليالي الطوال منكلا على عبادتها وتحقيق مطالبها ، نسي أهله ، وقطع أرحامه ، وتناسى صلاته وعباداته ، وغفل عن جميع الحقوق الواجبة عليه ، وصد وجهه عن كل محتاج لمساعدة أو طالب لخدمة إنسانية ، فقلبه ممتلئ بحب هذه الغيرزة دون سواها ، قد انفلت الزمام من عقله تقوده الشهوة كيفما أرادت .
ويا ترى ما الثمرة التي يجنيها من كل هذا اللهاث ، إنه يجني الكثير ، ولكنها ثمار حنظل مرير :
الثمرة الأولى : قلق وخوف يحيط به من كل ناحية ، قلق عن إعراض الفتيات ، وخوف من الفضيحة والعار ، وتوجس من هجوم الأمراض الجنسية .
الثمرة الثانية : الشرود الذهني والتشتت العقلي ، واختلال التفكير ـ تشعبت به الطرق ، وأعيته المسالك ، وسيطرت الشهوة على كامل قواه الفكرية .
الثمرة الثالثة : قلة الإنتاج الفكرية والعملية ، لاشتغال فكره ، وتحطم نفسيته ، وإجهاد جسمه .
الثمرة الرابعة : السعار الجنسي ، وتوهج الغريزة ، فهو كالذي يشرب من ماء البحر ، كلما شرب كأسا ازداد عطشا ، لا يرتوي أبدا .
الثمرة الخامسة : التعرض للذل والمهانة في محاولة استعطاف الفتيات وجلب قلوبهن .
الثمرة السادسة : ذهاب مخ الساقين ، وضعف البصر ، وشحوب الوجه ، والاحساس الدائم بالتعب والإرهاق .
الثمرة السابعة : الشعور بالملل ، والتهرب بالمسؤولية ، وقلة الصبر والتنحمل ، والحساسية المفرطة ، والغضب لأتفه الأسباب ، وضيق الصدر ، والتشنجات العصبية ، والأمراض النفسانية .
الثمرة الثامنة : هدر الأوقات من أجل لذة لحظات ، وضياع زهرة الشباب في السعي خلف الشهوات .
الثمرة التاسعة : غياب أموال طائلة يمكن أن تصرف في كثير من المصالح الدينية والدنيوية .
الثمرة العاشرة : جريمة الزنا دين يحمله الزاني ، ليوفيه مستقبلا في أهله : إن الزنا دين إذا أقرضته كان الوفا من أهل بيتك فاعلم
الثمرة الحادية عشر : ضعف إرادة الخير والصلاح تدريجيا في القلب ، وسيطرة المعصية عليه ، حيث يصبح عبدا لشهوته ، أينما توجهه توجه ، أراد التحرر من القيود الدينية والاجتماعية فنال حرية كحرية ببغاء محبوس في قفص ذهبي أو كلب مربوط بسلسلة ذهبية .
الثمرة الثانية عشر : غضب الله ومقته ، وحلول المصائب والآفات ، وعدم البركة في المال والعمر والأولاد .
الثمرة الثالثة عشر : مقت الأقربية والأرحام ، لتضييع الحقوق ، وعدم الاكتراث بالمسؤولية .
وصدق الله حيث قال : " ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ظنكا "
وليت شعري كيف يبني أمة شباب تقلب بين أحضان البغايا ، وفرش المجون ، أم كيف يرفع شأنها شباب يقلب طرفه في نحور الفاسقات أكثر مما يقلبه في المصحف ، ويرتاد تجمعات الفتيات أكثر من ارتياده المسجد ؟؟!!!
ولكن هكذا تكون الحال عندما يسجد العقل للشهوة ، ويسبح بحمدها .