فأما الوطن: فهو كل ما نشتاق اليه
وأما المواطنة: أن نخلص لهذه الذكرى..
واما المشكلة: عندما نخلط بين الوطن وحكامه!! فنحقد على الوطن من جور حكامه او نحب حكامه لأننا نعشق الوطن!!
هذا ما يقوله/ اياد / في أحد المواقع الالكترونية ...
بالرغم من أن الحديث عن الوطن دون تدخل العاطفة يصبح أكثر صعوبة بالنسبة للمغترب.
لكن يبدو أن فتح ملف الوطن والمواطنة صار حتمياً لتوضيح المعنى بعيداً عن الملابسات الببغائية والشعاراتية والطوباوية والتي صارت تتردد كثيراً حتى اختلطت الرؤية وتداخل الحابل بالنابل.
من المفيد في البداية التمييز بين الشعور الغريزي بالانتماء - والذي يبقى مبهماً وعفوياً ولا يؤدي إلى هدف أو نتيجة ، كونه في النهاية غير متفاعل وغير ايجابي، يقف مكتوفاً أمام الهزائم والفساد والمشاكل المتراكمة- وبين الانتماء المبني على الوعي الذي ينتقل من آلية الشعور الفضفاض، إلى آلية السلوك الهادف متحولاً إلى مشاركة وتفاعل ومسؤولية
ففي النهاية :
كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته
المسؤولية ليست وحيدة الاتجاه بل هي علاقة تبادلية مابين الحقوق والواجبات، وكذلك الأمر بالنسبة للمواطنة بمفهومها الصالح ..
بمعنى أن المواطنة ليست علاقة نفعية بين وطن ومواطن تعتمد على مقولة " وانا شو رح استفيد"
تلك الجملة التي تلطم وجه الوطن وتوازيه كقيمة بمدى الفائدة من نفوذ ومال ونفعية.
لكنها علاقة ثنائية الاتجاه فما يصب في صالح الوطن هو لصالح المواطن " بالمفترض"
وإذا كان المواطن بخير فهذا سيجعل الوطن بألف خير..
المرفوض أن تكون المصلحة مسبقة الدفع كما يخطر للكثيرين.
حب الوطن ليس أهزوجة ننشدها في المناسبات الرسمية، وليس شعاراً مؤسساتياً يفرضه انتماء حزبي ما ، كما أنه ليس بهرجة كلامية في خطاب سياسي لأجل التشدق ..
بل هو أمانة علينا أن نكون مؤهلين لحملها ضمن إطارات الوعي والفهم والمصلحة العامة
" الأشمل" ، كي نكون جزءا من نسيج الوطن وكي يصبح الوطن نسيجنا .
السؤال الذي يدركني دائماً هو :
ما الذي خلخل مفهوم المواطنة عن سياقاته المتعارفة، وجعله مراوغاً وغير واضح المعالم، بل وغير كاف للانتماء، أولبذل الجهد والكف عن سلوك موقف المتفرج إلى سلوك التبني والمشاركة ولن أقول المبادرة.
هل هي ثقافة الخوف من المواقف العلنية التي قد تحسب عليك وليس لك، ليصبح التجنب أسلوب حياة أكثر أماناً فالباب اللي يجيك منه الريح سده واستريح .؟
أم هو شعور بعدم الثقة بالخطاب السياسي " بكافة دلالاته وتعدداته وأشكاله " بما فيها
من نواتج النزاعات السياسية والحزبية والطائفية والولاءات الشخصية والعصبيات وسلسلة الامتيازات وما رشح عنها من ثوابت صارت عقيمة بكل ماضيها الحافل بالوعود الزائفة .
أم هي مجرد خمول تحت مبدأ الاتكالية " شو دخلني – ما خصني – لها أهلها "؟
أم لأن الوطن اغترب عنا كما اغتربنا عنه وصار معنياً بفئة معينة حصراً ؟
وربما لأحد هذه الأسباب أو لكل الأسباب مجتمعة وربما لسبب لم أشّر إليه .. لكنها في المجمل مؤثرات سلبية أدت إلى تغييب معنى المواطنة، وتقليص دورها الشمولي، لتصبح فرض كفاية تسقط في الأداء عن الأغلبية، متوارين بضمير مرتاح، تاركين الساحة شاسعة وخالية أمام قلة مستفيدة- بمعنى الاستفادة الشخصية وهو معنى ضار وغير بناء - لا تجد من يزاحمها الكتف بالكتف..
ليست دعوة طارئة، لكن مناخات اليوم تستدعي منا أن نعيد ترتيب أوراقنا و أولوياتنا، إذ صار من غير اللائق وضع الوطن داخل دائرة الطباشير للمحاصصة وفق مفهوم الاستفادة فحسب، بل المفروض أن نقف على كافة مللنا ونحلنا واختلافاتنا لدعم الوطن – الرحم ..
فننتمي كمواطنين إلى الوطن ... وهي المواطنة غير المؤدلجة.. دون أن ننسى تذكير هذا الوطن بأن ادراك واجباتنا لا تعني نسيان حقوقنا عليه .