هل انسحبت الحكومة ن الاقتصاد ؟
خلفت الأزمة الاقتصادية العالمية مشاكل متعددة , في أكبر إقتصاديات العالم لكنها فتحت الباب مجددا أمام الجدل حول حول دور الحكومات في الإقتصاد , فالحكم كان سريعا بفشل سياسات إقتصاد السوق أو ما عرف ب « اللبرالية « ما نجم عن ذلك ضغوط هائلة تطالب بعودة دور الدولة للإمساك في زمام الأمور .
هذه الدعوات كما هي أثار الأزمة امتدت الى الدول النامية , لكن بأجندات سياسية أكثر مما تهدف الى البحث عن حلول إقتصادية , لكن الفرق هو أنها كانت طبيعية في دول موغلة في ما يسمى باقتصاد السوق , وكانت مبالغ فيها في دول لم تخطو بعد أول خطوة في هذه السياسات .
يحلو لكثير من المحللين تعظيم شأن برامج الخصخصة وتحرير السوق ونتائجهما بأكثر مما هو واقعها فعلا والغرض من ذلك هو أن يكون النقد مستحقا , فهل توغل الإقتصاد الأردني حتى أذنيه في سياسات إقتصاد السوق والخصخصة أو بمعنى أدق في التطبيق الحرفي لليبرالية الإقتصادية ؟. إن الإجابة عن مثل هذا السؤال ستكون ناقصة إن لم ترتكز الى الأرقام , تمام كما النقد إن لم يرتكز الى نتائج واقعية , فما الذي تغير منذ بدء التحول الى سياسات افتصاد السوق , وهل فعلا تقلص دور الحكومة في الاقتصاد ؟
مثل هذه العناوين تحتاج الى بحوث , ليس هنا مجالها , لكن لا بأس من سرد بعض العناوين التي ربما تفتح شهية البحث , منها مثل أن مساهمة الحكومة في الاقتصاد ما تزال مرتفعة 58% , كما أن الدولة التي تدعم التعليم والجامعات وتدعم الصحة وهما مالا يجب أن تتراجع عن دعمهما , لا يمكن أن تنعت بالليبرالية في معناها الاقتصادي , كما أن الحكومة التي تدعم الأعلاف بالرغم من الاختلالات الواضحة في هذا الملف وتدعم البلديات غير المنتجة ب 80 مليون دينار وتدعم الكهرباء والمياه والخبز للقادر والفقير على حد سواء , ليست منغمسة في إقتصاد السوق , كما أن الحكومة التي تعتزم تشييد سكك حديدية مدعومة وحافلات نقل بأسعار الكلفة لا يمكن أن تنعت بتخليها عن دورها الاقتصادي والاجتماعي كما أن الحكومة التي لا تزال تمتلك 80% من أراضي البلاد لا يمكن أن توصف ب « البياعة « كما أن الحكومة التي تدفع رواتب وتقاعدات تتجاوز 3 مليارات دينار سنويا لنحو 340 ألف موظف عامل يعيلون حوالي 2ر1 مليون فرد، ولنحو 225 ألف متقاعد يعيلون 900 ألف فرد , وتسيطر على أهم القطاعات الحيوية , المياه والتعليم والصحة وتدعم تعليم (6ر1 ) مليون طالبا وطالبة في مدارسها وتعالج بأسعار مدعومة ملايين أخرين , وتنفذ مشاريع كبرى في المياه والطاقة والطرق وتمتلك ألاف المباني والأراضي , لم تنسحب من دورها كأكبر موظف وعائل ,لحساب القطاع الخاص المتوحش !!.
إنسحاب دور الدولة من الاقتصاد ظل حتى اللحظة نظريا والحقيقة أن دعاة عودة دور الدولة , يطلقون العنان لهذا الصخب من دون إطلالة على واقع الحال فالدولة ما تزال غارقة في الاقتصاد حتى أذنيها .
بقلم : ربابعة