جلطة سياسية.. تعيق المفاوضات
وفي السياسة ايضاً قد تحدث جلطة سياسية تعيق مسار المفاوضات, وهناك اذا استعرنا من لغة الطب عملية استئصال مواقف وتفاهمات واتفاقات سابقة, بانقلاب يأتي بادارة حكومية وبرلمان جديد ينسف كل ما اتفق عليه من قبل.
وهناك ايضاً عملية زراعة اعضاء سياسيين أو لاعبين جدد في التشكيلة الحكومية محل آخرين, لتسهيل التفاوض وتسليك مسار المفاوضات وجميعها احتمالات مطروحة.
استئناف الاستيطان ووقف ما يسمى بالتجميد الاستيطاني, بمثابة افتعال جلطة سياسية في مسار المفاوضات, وذلك موقف قد تساوم عليه اسرائيل الولايات المتحدة راعية المفاوضات لتدفع الثمن, بشكل من الاشكال وقد تكون خطوة تخدم عملية ترميم الشروخ الداخلية التي نشأت بين القوى المتطرفة المشاركة في الائتلاف الحاكم, وهي أيضاً معضلة توضع في طريق الفلسطينيين لدفعهم للخروج من المفاوضات اذا اصروا على موقفهم أو لابتزاز تنازلات اضافية منهم مقابل ايجاد مخرج جزئي لعملية تجميد المفاوضات, يُبقي على التوسع الاستيطاني في المستوطنات الكبرى ويحد منه في المناطق الاخرى.
ويبدو توزيع الادوار في الساحة الاسرائيلية واضحاً فوزير الخارجية الاسرائيلي أعلن من منبر الامم المتحدة ان الصراع سيستمر لاجيال وأن الحل لن يتحقق الا بعد اجيال أي عشرات السنين, وأن لا جدوى من المفاوضات واستحالة تحقيق شيء ملموس خلال عام, في تناقض واضح لطروحات الادارة الاميركية.
ورئيس الوزراء الاسرائيلي تنصل من تصريحات وزير خارجيته, اما الرئيس الاميركي الطامح الى دعم اللوبي الصهيوني في الانتخابات النصفية القادمة, فدعا العرب والمسلمين للتطبيع مع الاحتلال سلفاً, لبناء الثقة مع ان اسرائيل مهتمة بالتوسع الاستيطاني وغير مهتمة ببناء الثقة أو بناء السلام.
والحقيقة المرة تكمن فيما اشار اليه نائب الكنيست عن عرب اسرائيل السيد احمد الطيبي في حوار لنا معه, ان الوضع المريح لاسرائيل وللاسرائيليين هو استمرار الامر الواقع كما هو الان أي استمرار الاحتلال المريح, غير المكلف, والذي يدر ارباحاً واراضي ومدناً وقرى جديدة وضرائب واستراحات ومناطق سياحية في الجولان, ومصادرة للمصادر الطبيعية والمياه وعزل الفلسطينيين وراء الحصارات الداخلية والجدران, هذا هو الوضع الذي تتمسك به اسرائيل وتراه افضل من أي حل يفرض عليها التنازل وافضل من أي سلام وهي تدعم موقفها بقوة عسكرية متفوقة, وقدرة على المناورة مدعومة من الاوساط الدولية بدون حدود.
اننا امام مناورة سياسية جديدة, لن تتغير الا اذا تغيّر حالنا وموقفنا نحن العرب والا اذا اخذنا المجتمع الدولي بجدية تجعل الدول الكبرى تتحمل مسؤولياتها تجاه السلام في المنطقة وتجاه الاستقرار الدولي, وسنبقى نتعامل مع العقبات السياسية التي تفتعلها اسرائيل باقتدار وحرفية في المنطقة, لتتقدم خططها المبيتة والتوسعية ونتراجع نحن ويبقى العالم يعدنا ويؤملنا بالسلام ولا يتحقق لنا الا مزيد من التراجع والخسائر وخيبات الامل..
بقلم ( ابو فتح)