إن التي لا تريد وضع الحجاب التزاماً وفقهاً لمعاني الحرية فيه فلتخلعه ولترح نفسها ، ولتكن في عبودية من تشاء ، والأبعاد الاستراتيجية لتثبيت الإسلام فقهها ابن القيم فذكر في الطرق الحكمية : أن "هناك طوائف عطلوا الحدود وضيعوا الحقوق ، وجرؤوا أهل الفجور على الفساد ، وجعلوا الشريعة قاصرة لا تقوم بمصالح العباد ؛ محتاجة إلى غيرها وسدوا على نفوسهم طرقاً صحيحة من طرق معرفة الحق والتنفيذ له ، وعطلوها مع علمهم وعلم غيرهم قطعاً أنه حق مطابق للواقع ظنا منهم منافاتها لقواعد الشرع" ا.هـ
لقد صدق أحد الدعاة حين قال: انشغلت الأمة المسلمة بحماية الفتاة المسلمة عن مساعدتها على بناء وتنمية شخصيتها! ، لاينبغي للمسلم أن يجعل نفسه وصياً على المسلمة (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض)8 واجب المسلم هو التناصح والتعاون ، والإسلام هو دين المسلمة كما هو دين المسلم.
تلك المرأة التي ذكر في السيرة أن يهودياً من بني قينقاع قد هتك حجابها ؛ لم تفقد دينها بل أشهدت الدنيا كلها نذالة اليهود وحقدهم! وسمية التي قتلها رأس الجهل أبو جهل لم تفقد التزامها ، وإن سال دمها فضمخ الأرض بعطر الشهادة فضمخ الأرض بعطر الشهادة يسري على امتداد القرون والأزمان ؛ أسماء ماضاع دربها لما صفعها رأس الكفر وجنينها في بطنها ! صفية عمة نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم ؛ ماجبنت يوم الخندق بل صرعت برمحها فارساً جبن بعض الرجال عن لقائه! والأخت المجاهدة الأسيرة عطاف عليان ؛ لم تستطع كل نذالة المحتلين الصهاينة أن يفتنوها عن دربها وهي تقبع في زنازينهم ؛ ماضاع هدفها سجن ولاتعذيب ولا كي ولا جلد .. كانت تريد أن تصرخ : وامعتصماه .. ثم ماتت صرختها على شفتيها ، فما عادت الأمة رأت معتصما .. ومافل السجن عزيمتها .. بل بقيت تهدر كاللبوءة الضارية الجريحة ، على شفتيها وفي قلبها أمل واحد : واإسلاماه .. خيبر .. خيبر .. يايهود .. جيش محمد سوف يعود ؛ على يد لا يسار ولايمين ؛ لاعلى من يتاجر بالقضية حتى إذا تربع فوق الكرسي كان أول عمله اعتقال الآلاف المؤلفة من كتائب الجهاد ؛ أبطال حركة المقاومة الإسلامية [حماس] وشجعان الجهاد الإسلامي .
جيل النصر تصنعه ألف أخت مثل عطاف لا القدود والنهود .. جيل النصر تصنعه مثل من ربت الشيخ المجاهد أحمد ياسين وشهيد الإسلام عماد عقل .. لا المثقفات الفارغات ، ولا من يقوضون الأسرة المسلمة الغارقون في الغفلة .
لو أن ديننا كان خرافة أو وهماً ؛ أسطورة أو زيفاًلوجب الاعتزاز والاعتصام به في وجه ماتلقاه الأمة المسلمة اليوم من المحيط إلى المحيط .. فكيف بدين رباني شامل ؛ إنساني عادل ؛ متوازن كامل.
في بعض الضواحي الفرنسية قامت الشرطة بنزع أطباق الالتقاط لمحطات البث الفضائي العربي وصادرتها بحجة أنها ستحرك في القلوب خامداً بعد أن ظلت تلك القلوب سنواتٍ بعيدة عن الله!.. سيسمع المسلمون منها [رغم كل مافيها] صوت القرآن العظيم [والذي وإن وضعته الفضائيات مجاملة] لكنهم يخشون معه من أن تقوى صلة المسلمين مع دينهم مرة أخرى!!
الكائدون لنا أذكى منا بكثير.. وهم يدمرون حتى الأضواء البعيدة التي يحتمل أن يستعاد بها الرشد من جديد!
وما الذي يجري في ديار المسلمين؟ أجيبوا بالله عليكم ...
إن الذين يقوضون الأسرة المسلمة اليوم يمهدون بصراحة لاحتلال اليهود أحسوا أم جهلوا .. يدمرون العوائق في وجوههم .. يسلمونهم البلاد والعباد! مادامت أغلب المواقع قد سقطت ولم تبق إلا الأسرة المسلمة!
هناك من سيسأل : ماالحكم الشرعي فيمن يفعل ذلك .. لمن يقوض أسرة مسلمة ؛ لمن يدمر توازن الأسرة المسلمة ؛ لمن يهتك حجاب حرائرها؟
إن أولئك مثلهم تماما مثل : رسول حمزاتوف شاعر داغستان الكبير ؛ ففي الخمسينات صب هذا الشاعر كل طاقاته الأدبية ليشوه سيرة الأمام المجاهد العظيم [شامل الداغستاني] الذي دوخ القياصرة زمنا طويلا.
ألف حمزاتوف قصائد وشهد زورا ضد الإمام وألب المواطنين عليه .. وزالت القبضة الحديدية وانهارت الخرافة الشيوعية ؛ فإذا بحمزاتوف يستعيد وعيه ، وانحدر من داغستان إلى بلاد الحرية .. بلاد الشيشان ، وتاب مما سبق ، وكتب :
"لقد أعماني بريق ذلك الزمان كما تعمي الفتاة الجميلة الشاب الغبي ..
لقد تقرر آنذاك أن شاملاً عميل بريطاني أو تركي ، وأن هدفه إذكاء العداء بين الشعوب..
والآن ، من جديد ؛ يعود الجرح القديم الذي لم يلتئم ليمزق قلبي ويحرقه بناره..
ثم كتب حمزاتوف رواية "بلدي" وفيها مراجعة حارة متدفقة بالعاطفة تروي عظمة الإمام المجاهد .. وفيها مقاطع حافلة بسطور متفجرة متألقة ، ومنها : أن أصحاب الإمام سألوه يوماً : يا إمام : قل لنا لماذا منعت نظم الأشعار ؟ أجاب الإمام : أريد أن يبقى الشعراء الحقيقيون وحدهم هم الشعراء ؛ أن الشعراء الحقيقيين يستمرون في نظم الشعر مهما حدث ؛ أما الكذابون ؛ أما المنافقون الذين يدعون أنهم شعراء فسيخافون مني ويسكتون لأنهم جبناء!
وفي مقطع آخر يكتب حمزاتوف متخيلاً الإمام : في صباه أراه جاثياً على ركبتيه فوق صخرة "أخولغو" الملساء رافعاً إلى الأعلى يديه المغسولتين للتو في ماء النهر ؛ نهر " كولسو الافالاري " ؛ قفطانه مرفوع وشفتاه تتمتمان كلمة ما .. بعضهم يؤكد أنه حين كان يهمس أثناء صلاته بكلمة (الله) كان الناس يسمعون كلمة الحرية ؛ وحين كان يهمس بكلمة الحرية كانوا يسمعون كلمة (الله).
من يقوض غافلاً الأسرة المسلمة اليوم على امتداد الوطن الإسلامي ؛ لابد من الصبر معه ؛ فلسنا ممن يفقد الأمل في فطرة عميقة لابد أن تستيقظ في أعماقه يوماً ليرى الزيف ويعرف الحق ؛ وسنرفع أيدينا لنقول : اللهم اغفر لقومنا فإنهم لايعلمون ؛ اللهم ردهم إليك رداً جميلاً ليعلموا أن الإسلام بكل جنباته هو الخير ؛ ولا شك أن بعضهم حين يخلون بأنفسهم يبكون على ماصنعوه بأيديهم طويلا ، وأن مايفعلونه اليوم سيتمنون يوماً عندما يعودون إلى وعيهم أن تتشقق مهجهم وألا يكونوا قد فعلوه ؛ فيارب :
يسعى لغيرك مطرود لشقوته ومن يرجيك لا يسعى إلى أحد
من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون.