وينبغي أن تعلم أخي المسلم ، أن إيمان المرء يتمثل بحضور صلاة الفجر حين يستيقظ الإنسان من فراشه الناعم تاركاً لذة النوم وراحة النفس طلباً لما عند الله ، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( من صلى الصبح فهو في ذمة الله ، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في نار جهنم ) أخرجه مسلم ، من حديث جندب بن عبد الله .
إن النفس الزكية الطاهرة تسارع إلى ربها لأداء صلاة الفجر مع الجماعة ، فهي غالية الأجر وصعبة المنال إلا لمن وفقه الله لذلك .
وكثير من الناس اليوم إذا آووا إلى فرشهم للنوم غطوا في سبات عميق قال عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه مسلم : ( يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم ثلاث عقد إذا نام مكل عقدة يضرب عليك ليلا طويلا فإذا استيقظ ، فذكر الله انحلت عقدة وإذا توضأ ، انحلت عنه العقد فأصبح نشيطاً طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان ) من رواية أبي هريرة .
فانظر أخي المسلم إلى عظيم المسؤولية وأهميتها فهذا رسولنا وحبيبنا عليه الصلاة والسلام محذرنا من أن تصبح النفس خبيثة خاصة إذا نامت عن صلاة الفجر . فما بال هذا التقصير فينا ؟ لماذا هذا التساهل عندنا ؟ وكيف نأمل أن ينصرنا الله عز وجل ، وأن يرزقنا ، ويهزم أعداءنا ، وأن يمكن لنا في الأرض ونحن في تقصير وتفريط في حق الله . نسمع نداءه كل يوم حيّ على الصلاة ، حيّ على الفلاح ـ الصلاة خير من النوم ونحن لا نجيب ولا نستجيب أي بعد عن الله بعد هذا . هل أمنا مكر الله ؟ هل نسينا وقوفنا بين يدي الله ؟ والله لتوقفنّ غداً عند من لا تخفى علية خافية ( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون ) [الأنعام 94] .
لا يا أخي قم عن فراشك وانهض من نومك واستعن بالله رب العالمين ولا تتثاقل نفسك عن صلاة الفجر ولو ما فيهما من الأجر لأتوهما ولو حبواً .
إن الواحد منا ليسر حينما يدخل المسجد لصلاة الظهر أو المغرب أو العشاء ويجد جموع المصلين في الصف والصفين والثلاثة صغاراً وكباراً ، فيحمد الله ثم يأتي لصلاة الفجر ولا يجد إلا شطر العدد أو أقل من ذلك . أين ذهب أولئك المصلون ؟ : إنهم صرعى ضربات الشيطان بعقده الثلاث يغطون في سبات عميق فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ولو قيل لأحدهم إن عملك يدعوك قبل الفجر بساعة لأعد نفسه واستعد وأخذ بالأسباب حتى يستيقظ في الوقت المحدد بل لو أراد أحدنا أن يسافر قبل أذان الفجر لاحتاط لنفسه وأوصى أهله أن يوقظوه .لكنا لا نصنع هذا في صلاة الفجر.
فليتق الله أمرؤ عرف الحق فلم يتبعه وإذا سمعت أذان الفجر ، يدوي في أفواه الموحدين فانهض بنفس شجاعة إلى المسجد ، وكن من الذين يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار .
ثم اعلم يا أخا الإسلام أنك إذا أرخيت العنان لنفسك وتخلفت عن صلاة الفجر عرضت نفسك لسخط الله ومقته فانتبه لنفسك قبل أن يأتيك الموت بغتة وأنت لا تدري وقبل أن تقول نفس : ( يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين ) وتقول ( لو أن لي كرة فأكون من المحسنين ) [الزمر 56-58] .
والآن قد جاءك النذير وتبين لك القول ، فانفذ بنفسك من حجب الهوى إلى سبيل الهدى وابحث عن الوسائل المعينة لحضور هذه الفريضة .
وهاكها باختصار.
1-إخلاص النية لله تعالى والعزم الأكيد على القيام للصلاة عند النوم .
2-الابتعاد عن السهر والتبكير بالنوم متى استطعت إلى ذلك .
3-الاستعانة بمن يوقظك عند الصلاة من أب أو أم أو أخ أو أخت أو زوجة أو جار أو منبه .
4-الحرص على الطهارة وقراءة الأوراد النبويه قبل النوم .
فبادر إلى الصلاة وأجب داعي الله .
( ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء ) [الأخقاف 32] .
ألهمنا الله وإياك البرّ والرشاد ووفقنا للخير والسداد وسلك بنا وبك طريق الأخيار الأبرار .
وأخيراً تذكر قول ربك : ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) [ق 37 ] .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .